فإذا ما كان ذلك فما الذي يمنع أن تكون السكينة التى نزلت على نبي الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم زيادة على ما كان عنده منها،

ولا سيما أنه كان في منتصف طريق الدعوة وهو فرد، والتى في " حنين" كانت في آواخر الدعوة وهو في جمع، فأي الحالين أولى

بالزيادة، ثمَّ إن الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مفتقر إلى مزيد من التثبيت والسكينة والقرب الذي لاتتناهى درجاته ومنازلها، فليست السكينة ذات حد ينتهى إليه لنقول إن نبي الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قد انتهى إليه، ولايفتقر إلى مزيد، وإن من صور السكينة العلم، وقد أمره الله عز وجل بأن يدعو ربه تعالى بالمزيد منه (وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) {طه:114} ولا تكون سكينة إلا من علم محقق، فهو معدن السكينة.

والذي يُعْلِى إرجاع الضمائر إلى النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أن السياق للكلام في نصرته هو، وليس السياق للكلام في شأن الصديق، وما جاء الحديث عن الصديق هنا إلا استصحابًا، فالكلام غير مسوق إليه بالقصد الأول الرئيس، فيكون مآل المعنى على هذا:

إلا تنصروه بالنفار إلى الجهاد في سبيل الله فسينصره الله فيما حرضكم على النفارإليه فإنه قد نصره الله تعالى جدُّه من قبل،وهو في غير ما عدد ولاعدَّةٍ في ثلاثة مواطن: إخراجه من مكة، واختفاؤه في الغار ثاني اثنين، وقوله لصاحبه عند لحوق الطلب لهما في الطريق: لاتحزن إن الله معنا

ثُمَّ بَيَّنَ الله تعالىالنصر الذي كان منه له في تلك المواطن بقوله أنزل السكينة عليه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وأيَّده بجنود لم تروها، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015