فإذا قلنا إن في السكينة تثبيتًا للفؤاد، فقد نسب إليه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ذلك، وقد جاء في الذكر الحكيم ما يدل على نسبة السكينة إليه:

" لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي موَاطِنَ كَثِيرةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ {} ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ " {التوبة: 25-26}

" إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا في قُلُوبهُم الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةَ فَأَنْزَلَ الله سَّكِينَتهَ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلى الْمُؤمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " {الفتح: 26}

والبقاعي وهو ممن جعل الضمير في (فأنزل الله سكينته عليه) راجعًا إلى الصديق أبي بكر؛ لأنَّ السكينة لم تفارق النبي صلى الله عليه وآله صحبه وسلم يقول في آية التوبة قبلها (رقم:26) :

" سكينته " أي رحمته، وهي الأمر الذي يسكن القلوب عن أن تتأثر بما يدهمها من البلاء من الوثوق به سبحانه ومشاهدة جنابه الأقدس والغناء عن غيره......."على رسوله" أي زيادة على ما كان من السكينة التى لم يحزْ مثلها أحد....ولعل العطف بـ" ثم " إشارة إلى علو رتبة ذلك الثبات،واستبعاد أن يقع مثله في مجاري العادات " وعلى المؤمنين" أي أمَّا مَنْ كان منهم ثابتًا فزيادة على ما كان له من ذلك، وأمَّا غيره فأعطي ما لم يكن في ذلك الوقت له...." (23)

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(23) نظم الدرر للبقاعي: ج3 / 294، وانظر: التبيان في إعراب القرآن للعكبري ج2/ 15

طور بواسطة نورين ميديا © 2015