الذي أستشعره أن القول بأن الثلاثة كائنة في كل موطن من مواطن الابتلاء هو العلِيُّ، فقدكان له صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من السكينة ومن التأييد ومن جعل كلمة الذين كفروا السفلى في كل واحد من هذه المواطن الثلاثة: الإخراج من مكة، والإختفاء في الغار، وملاحقة الطلب لهما في الطريق إلى "طيبة " الطيبة وإن بدا لك أن بعض صور النصر المعجز أظهر من بعض في موطن منها في موطن آخر من الثلاثة المواطن، وانها إن تحققت جميعها في كل موطن، فليست سواء في الظهور في كل موطن منها فهو تفاوت ظهور لاتفوات تحقق، وهذا ما لايكاد يغيم عنك إن تبصرت كل موطن من مواطن الابتلاء الثلاثة وما كان فيها من النصر المعجز.

الضمير ـ إذن ـ فيما أذهب إليه راجع إلى النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، والقول بأن الضمير في (أنزل السكينة عليه) راجع إلى الصديق من أن السكينة لم تفارق رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وأنه لم يزل ساكن النفس ثقة بالله تعالى جده، إنما هو ناظر إلى " السكينة " التى هي بمعنى سكون النفس وثباتها أمام البلاء وهذا قد يكون لغير النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وذلك ماتراه في مثل قوله تعالىجده في سورة الفتح:" هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا "

وقوله:" فأنْزلَ السَّكينَةَ عَليْهِم وأَثابَهُم فَتْحًا قَرِيبًا " ...

على أنَّه قد جاء في الذكر قول الله تعالى:

" وكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَك " {هود:12.}

" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَليْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا" {الفرقان: 32}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015