ثمَّ هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال: (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها) إلى قوله (وهومعكم أينما كنتم) دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم ومهيمن عالم بكم،

وهذامعنى قول السلف: إنه معهم بعلمه، وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته

وكذلك في قوله: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) إلى قوله (هو معهم أينما كانوا) الآية.

ولما قال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لصاحبه في الغار (لاتحزن إن الله معنا) كان هذا أيضًاعلى ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع والنصر والتأييد.

وكذلك قوله تعالى (إن َّ اللهَ معَ الذينَ اتقوا والذينَ همْ محسِنونَ)

ـــــــــــــــــــــــــ

(2.) مجموع فتاوى ابن تيمية: ج3/142ـ ج. ت: ابن قاسم النجدي

وكذلك قولُه لموسى وهارون (إنّنِي معكُما أَسْمَعُ وَأَرى) هنا المعية على ظاهرها وحكمها في هذه المواطن النصر والتاييد.............

فلفظ " المعية" قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع يقتضي في كل موضع أمورًا لايقتضيها في موضع الاخر، فأما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها وإن امتاز كلّ موضع بخاصية، فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق حتى يقال قد صرفت عن ظاهرها " اهـ (21)

وقال في رسالة: الجمع بين العلو والقرب:

" والمعية معيتان: عامة وخاصة. فالأولى كقوله: (وهومعكم أينما كنتم) والثانية كقوله: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) إلى غير ذلك من الآيات.....

فكل من قال: إن الله بذاته في كل مكان فهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها مع مخالفته لما فطر الله عليه عباده ولصريح المعقول وللأدلة الكثيرة.....

طور بواسطة نورين ميديا © 2015