ألا تراك تقول: شكرتُك إذ أحسنتَ إلَيَّ، وإنَّما كان الشكرُ سببًا عن الإحسانِ، فزمانُ الإحسانِ قبلَ زمانِ الشكرِ، فأعْمَلْتَ:" شكرت " في زمانٍ لم يقع الشكر فيه.
ومن شرط الظرف العامل فيه الفعل أن يكون ذلك الفعل واقعًا في ذلك الزمان: كزرتك يوم الجمعة، وجلست عندك يوم السبت، لكنه لمَّا تجاور الزمانان، وتقاربا جاز عمل الفعل في زمان لم يقع فيه لكنه قريب منه ... " (17)
ماذهب إليه " ابن جنى" وإن اسْتُسِيغَ صناعة نحوية، فإن الذي هو أعلى عندى أن قوله:" إذْ هُمَا فِي الغَار" ليس بدلا، بل الكلام على سبيل التعديد المثسْتَغْنِى عن الربط بحرف نسق، فكأنه قيل: " فقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إذْ أَخرجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وإذْ هُما فِي الْغَارِ، وإِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِه ... "
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(17) المحتسب لابن جنى.ج1ص291 [م. س]
فهذه ظروف ثلاثة لنصر الله تعالى له صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم نصرًا معجزًا، لم يكن بسبب من عدد أو عدَّةٍ، والتأمل في حقيقة النصر الإلهي في هذه المواطن الثلاثة دال على أنه نصرمتجدد معجز.
وليس يخفى أنَّ قول رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لصاحبه الصديق رضي الله عنه ما قال هو من مَعْدِنِ النصر الذي كان من الله تعالى له، فالتثبيت في الشدائد دعامة عظمى من دعائم النصر، ومَنْ حُرمه فقد حرم النصر المقيم.
هذه أنواع متعددة من النصر لرسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ولصاحبه الصديق رضي الله عنه،.