على أن الإسلام لا يكتفي بعاطفة الوالدين الفطرية وحنانهما على الأولاد، إذ ربما يعرض في الحياة ما يلهي عن الولد، ويصرف الوالدين أو أحدهما عن التضحية في سبيله بطيبات الحياة، أو تقسو الأيام، ويخشن العيش، ويستحكم الإملاق، فيتذمر الوالدان أو أحدهما من ثقل التبعات، وفداحة الأعباء، وبهظ النفقات؛ ولهذا كله رفد الإسلام عاطفة الوالدين الفطرية بما أعده لهما من ثواب عظيم، تهون أمامه التضحيات، ويصغر العذاب ويتلاشى البؤس والإملاق.
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، هل لي أجر في بني سلمة أن أنفق عليهم، ولست بتاركتهم هكذا وهكذا؟ إنما هم بني، فقال: ((نعم لك أجر ما أنفقت عليهم)) (?).
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا أنفق الرجل على أهله نفقة، يحتسبها (?)، فهي له صدقة)) (?).
بل إن الإسلام ليجعل النفقة على الأهل والعيال أفضل وجوه النفقة وأعظمها أجرا، نرى مصداق ذلك في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به
على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك)).