الأولاد بالصلاة متى بلغوا السابعة من العمر، ولا يضربهم على تركها متى بلغوا العاشرة، هو بيت مقصر مفرط، الوالدان فيه آثمان مسؤولان أمام الله عن هذا التقصير وذلك التفريط.
ذلك أن البيت هو المحضن الذي تريش فيه الفراخ الزغب، وهو البيئة الأولى التي يترعرعون فيها، وهو الوسط الذي تتكون فيه ميولهم وأمزجتهم وشخصياتهم. ومن هنا يبدو دور الوالدين الكبير في تعهد تلك البراعم الغضة الغضيرة، ومدها بالغذاء النافع، والتوجيه الأصيل الذي يربي فيها الجسم والعقل والروح على السواء.
والوالد المسلم الحصيف- وأعني بالوالد كلا من الوالدين الأب والأم- يدرك نفسيات أطفاله، فيحسن التأتي إليها، والتوغل في عوالمها الصافية البريئة، مستخدما في سبيل صياغتها وتوجيهها أبرع الأساليب.
إنه يتحبب إليهم بشتى الوسائل، فيدنو منهم، ويراعي مستواهم العقلي والزمني، فيلاعبهم، ويجاملهم، ويمازحهم، ويسمعهم من كلمات المحبة والإيثار والحدب ما تبتهج به نفوسهم فإذا هم يحبونه، ويقبلون على سماع توجيهه بلهفة وحرارة وصدق، وإذا طاعتهم له وامتثالهم أمره نابعان من القلب، وشتان ما بين طاعة قائمة على الحب والاحترام والتقدير والثقة، وبين طاعة قائمة على العنف والقهر والكبت والانصياع الزجري، فالأولى طاعة دائمة وطيدة والثانية طاعة موقوتة هشة، سرعان ما تزول وتتلاشى بزوال الشدة والعنف والزجر، أو بغيابها إلى حين.
وقد يظن بعض الناس أن تبسط الوالد مع أولاده ومخالطته إياهم يخل بأبوته في أعينهم، ويزري بمقامه التربوي في نظرهم، وهذا خطأ محض؛ فإن هذا الخلق الكريم مع الأولاد هو الأسلوب التربوي الحكيم الناجح الذي