عنه، فبالغ في بره وإكرامه، فقال له بعض من معه: أما كان يكفيه أن يتصدق عليه بدرهمين؟ فقال ابن عمر: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((إحفظ ود أبيك، لا تقطعه فيطفىء الله نورك)) (?).
وسأل رجل النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما؟ قال: ((نعم، خصال أربع: الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصحلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما)) (?).
إنها لأعلى مراتب الحب والوفاء والبر والإجلال للوالدين أن يصل الولد أصدقاءهما في حياتهما وبعد مماتهما. والمسلم الحق الصادق يوطد دوما أواصر المودة والصلة والصداقة بأهل ودهما، ويبقى على حبه لهم وإجلاله إياهم بعد أن يلقى والداه وجه ربهما، فلا ينسى ذلك الود القديم، ولا يغفل عن تلك الوشيجة الإنسانية النبيلة التي أحكم نسجها والداه الحبيبان. وبمثل هذه المشاعر الإنسانية العالية، وذلك الود النبيل الخالص تجمل الحياة، ويهنأ الأحياء. وهذا كله منوط بوجود المسلم الصادق في هذه الحياة.
إن الولد في الغرب لينفصل عن والديه متى بلغ سن الرشد، وتنفصل معه آصرة البنوة. فلا لقاء ولا رحمة ولا تعاطف مع أب أو أم. يسير الولد في طريقه، فلا يكاد يلتفت إلى الوراء يلقي نظرة ود ووفاء وإحسان إلى الجيل المضحي المدبر المردود إلى أرذل العمر، بعدما سكب عصارة عمره وقدم رحيق حياته لأبنائه المتفتحين للحياة. فأين هذا العقوق والجفاء والجفاف من الولد لوالديه في الغرب، من ذلك البر والمودة والوفاء والري العاطفي المتدفق من ابن الإسلام البار نحو والديه في حياتهما وبعد مماتهما، متصلا بأهل