ولا يفوت المسلم التقي الحريص على فوزه في آخرته أن يصلي السنن الرواتب أيضا، ويأتي من النوافل ما يتسع له نشاطه وتنشط إليه نفسه آناء الليل وأطراف النهارة ذلك أن الإكثار من النوافل يدني العبد من ربه، ويرفعه إلى مقام حبه له ورضاه عنه، وإنه لمقام على كريم، إذا بلغه الإنسان أحبه الله، وخصه بقوته الكبرى، فكان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ... يشهد لذلك الحديث القدسي:
((ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)) (?).
ويترتب على محبه الله للعبد أن يحبه أهل السماء والأرض، مصداق ذلك ما رواه أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني احب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض)) (?).
ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل حتى تتفطر قدماه، فتسأله أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر