((إن أعمال بني آدم تعرض على الله تبارك وتعالى عشية كل يوم خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم)) (?).
إن المسلم المرهف الحس، المتطلع إلى رضوان ربه وسلامة آخرته، لتهزه هذه النصوص من الأعماق؛ إذ تقرر أن قطيعه الرحم تحجب الرحمة، وترد الدعاء، وتحبط العمل، وإنه لبلاء كبير يحيق بالمرء أن يدعو فلا يستجاب له، ويعمل فلا يرفع له عمل، ويفيء إلى رحمة ربه فتبتعد عنه. ومن هنا لا يتصور أبدا أن يكون المسلم الحق قاطع رحم في يوم من الأيام.
إن قطيعة الرحم ذنب لا يبوء بإثمه مسلم استنار قلبه بهدي الإسلام، وتفتحت نفسه على طاعة الله وضوانه؛ ذلك أن قطيعة الرحم من الذنوب التي يعجل الله بها العقوبة، بل إنها في طليعة الذنوب التي يأخذ أصحابها بها فى الدنيا قبل الآخرة، كما جاء في الحديث الشريف:
((ما من ذنب أحرى أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الآنيا- مع ما يدخر له في الآخرة- من قطيعة الرحم والبغي)) (?).
فقطيعة الرحم والبغي صنوان، ولذا قرنهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديثه؛ ذلك أن قطيعة الرحم من الظلم، وأي ظلم أشد من تقطيع الوشائج، وفصم عرى المحبة، وتجفيف ينابيع الوداد؟!.
ولقد مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الظلم يقع على الرحم بالقطيعة، فقال:
((إن الرحم شجنة (?) من الرحمن، تقول: يا رب، إني ظلمت،