التوجيه القرآنى الحكيم، متدرجا من الأعلى إلى الأدنى في سلم العلاقات الإنسانية، ثم يمتد البر من ذوي القرابة ويتسع نطاقه، وينسحب خيره على المحتاجين جميعا في الأسرة الإنسانية الكبيرة، وهذا ما يوائم طبيعة النفس البشرية التي هي أميل إلى البدء ببر الأقربين، ويلائم منهج الإسلام العام في تنظيم المجتمع الإسلامي، إذ جعل التكافل الاجتماعي يبدأ من محيط الأسرة، ثم يمتد إلى دائرة الأقربين، ثم ينساح في محيط الجماعة، في سهولة ويسر، وفي تراحم ورضا وود، يجعل الحياة حلوة جميلة شائقة لائقة ببني الإنسان.
وصلة الرحم من المبادئ الإسلامية الأولى، والأصول الكبرى التي طلع بها هذا الدين على الدنيا منذ اليوم الأول الذي صدع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة، مبينا أسسها، موضحا معالمها؛ فهي إذا من أبرز المعالم وأوضحها في شريعة هذا الدين، يشهد لذلك حديث أبي سفيان الطويل مع هرقل، إذ سأل أبا سفيان: فماذا يأمركم به نبيكم؟ فأجابه: يقول: ((اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة)) (?).
فقد جاءت صلة الرحم في عداد المعالم الكبرى لهذا الدين الحنيف، من توحيد لله، وإقامة للصلاة، والتمسك بالصدق والعفاف. ومن هنا كانت صلة الرحم من أبرز مميزات هذا الدين التي تعرض على أسماع السائلين عنه لأول مرة.
وفي حديث عمرو بن عنبسة رضي الله عنه الطويل المشتمل على جملة
من قواعد الإسلام وآدابه، قال فيه: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة، يعني في أول النبوة، فقلت له: ما أنت؟ قال: ((نبي؟ فقلت: وما نبي؟ قال: