لهديه القويم، ولكنه الآنشغال أو الغفلة أو اللامبالاة، توقع بعض الإسلاميين في مثل هذه الهنات والمخالفات من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
ودفعني اهتمامي بتجلية شخصية المسلم كما أراد لها الإسلام أن تكون إلى تتبع النصوص المتعلقة بالإنسان وتوجيهه وتكوينه، لأضع بين أيدي المسلمين، وخصوصا العاملين منهم، دراسة وافية شاملة تجلي تلك الشخصية، وتبرز ما تميزت به من صفات وعادات وأخلاق، لتكون نبراسا لأولئك المقصرين في بعض الجوانب، ليسموا بأنفسهم إلى المرتقى السامق الوضيء الذي أراده لهم دينهم الحق.
وهالني ما رأيت، لقد رأيت البون شاسعا، والمسافة بعيدة جدا بين ما أراده الإسلام للمسلمين، وما أرادوه هم لأنفسهم، إلا قليلا منهم، ممن صحت عقيدتهم، وحسن إسلامهم، وصفت قلوبهم، وسمت نفوسهم، ونشطت هممهم، فأقبلوا على دينهم بصدق وشغف وحرارة، ينهلون من نبعه الصافي النمير، ويزدادون كل يوم جديدا من هديه المتألق الألاء.
إن من يتاح له الاطلاع على هدي الله ورسوله للإنسان في مظانهما من كتاب الله وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليدهش من غزارة النصوص واستيعابها وشمولها لكل صغيرة وكبيرة من قضايا الإنسان المتصلة بربه وبنفسه وبالناس من حوله، وكلها توجيه وتكوين وبناء لشخصية الإنسان المسلم في كل جانب من جوانبها، وتأهيل لها للحياة الفردية والاجتماعية المثلى.
ومن هنا يبدو الإنسان المسلم كما أرادت له هذه النصوص أن يكون، إنسانا اجتماعيا راقيا فذا، تضافرت على تكوينه هذا التكوين الفريد مجموعة من مكارم الأخلاق، نطقت بها آيات الكتاب الكريم وأحاديث السنة المطفرة، وجعلت التحلي بها دينا يحرص المرء عليه، ويبتغي به من ربه المثوبة والأجر.