مُنْذُ بَعْثَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى يَوْمِنَا هَذَا، بَلْ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ، فَكَانَ مِنْ أشَرِّ هَذِهِ الأخْطَارِ المُحْدِقَةِ بالأمَّةِ مَا يُسَمَّى بالحُرُوْبِ الصَّلِيْبِيَّةِ الَّتِي اجْتَاحَتْ بِلادَ المُسْلِمِيْنَ طُوْلاً وعَرْضًا إلاَّ بَقِيَّةً هُنَا وهُنَاكَ، لاسِيَّما بَلادَ الحَرَمَيْنِ وغَيْرَهَا.
ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الجَحَافِلَ الصَّلِيْبِيَّةَ لم تَأتِ إلى بِلادِ المُسْلِمِيْنَ دُوْنَ تَخْطِيْطٍ وتَنْسِيْقٍ بَلْ أتَتْ على قَدَمِ الدِّرَاسَةِ والبَحْثِ عَنِ العَالمِ الإسْلامِيِّ، لِذَا أخَذَتْ دِرَاسَةُ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ عِنْدَهُم مَأخَذًا أوَّليًّا، بَلْ كَانَتْ لَدَيْهِم مَقْصَدًا هَامًّا لتَمْزِيْقِ وِحْدَةِ الأمَّةِ الإسْلامِيَّةِ، وتَغْيِيْبِهَا عَنْ عَقِيْدَتِهَا وأخْلاقِهَا ولُغَتِهَا، فَعِنْدَئِذٍ عَمِلُوا على نَشْرِ اللَّهَجَاتِ العَامِيَّةِ بَيْنَ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ؛ كإرْهَاصَاتٍ ومُقَدِّمَاتٍ لقُدُوْمِ الجُيُوْشِ الصَّلِيْبِيَّةِ لغَزْوِ بِلادِ الإسْلامِ، لِذَا قَامُوا في نَشْرِ اللَّهَجَاتِ (المَحَلِّيَّةِ) لعِلْمِهِم أنَّها أسْهَلُ وَسِيْلَةً لهَدْمِ اللُّغَةِ، وأقْرَبُ طَرِيْقٍ لتَمْزِيْقِ وِحْدَةِ المُسْلِمِيْنَ، فَكَانَ لهُم مَا أرَادُوا، والله غَالِبٌ على أمْرِهِ!
ومِنْ هُنَا؛ أخَذَتِ اللَّهَجَاتُ العَامِيَّةُ في إهْلاكِ حَرْثِ اللُّغَةِ، وإفْسَادِ نَسْلِ الفُصْحَى، وذَلِكَ مِنْ خِلالِ صُوَرٍ كَثِيْرةٍ مُتَنَوِّعَةٍ، لَيْسَ