هَذَا مَقَامُ ذِكْرِهَا إلاَّ أنَّها لا تَخْرُجُ في مَجْمُوْعِهَا: مِنْ إذْكَاءِ النَّعَرَاتِ الجَاهِلِيَّةِ، وبَعْثِ اللَّهَجَاتِ المَحَلِّيَّةِ بَيْنَ أبْنَاءِ المُسْلِمِيْنَ، لَتَبْقَى كُلُّ دَوْلَةٍ مُسْتَقِلَّةً مُنْفَصِلَةً عَنْ جَارَتِها سَوَاءٌ في حُدُوْدِهَا أو في لهْجَتِهَا.
* * *
- ومَعَ هَذَا كَانَ للشِّعْرِ النَّبَطِيِّ (العَامِيِّ) الدَّوْرُ الكَبِيْرُ في تَمْرِيْرِ مُخَطَّطَاتِ الأعْدَاءِ، وفي تَمْزِيْقِ وِحْدَةِ الأمَّةِ الإسْلامِيَّةِ، لِذَا اتَّخَذَ الأعْدَاءُ مِنْهُ مَوْقِفًا رَئِيْسًا سَوَاءٌ في تَرْوِيْجِهِ أو نَشْرِهِ كُلُّ ذَلِكَ لتَبْقَى اللَّهْجَةُ العَامِيَّةُ مُزَاحِمَةً للعَرَبِيَّةِ الفُصْحَى، ومِنْ هُنَا يَبْدَأ الانْحِرَافُ لَدَى المُسْلِمِيْنَ في فَهْمِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ ومَعْرِفَةِ تَارِيْخِهِم، فَعِنْدَئِذٍ سَتَبْقَى جمُوْعٌ لَيْسَتْ بالقَلِيْلَةِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ مَعَ القُرْآنِ كالحِمارِ يَحْمِلُ أسْفَارًا، ولَيْسَ الوَاقِعُ اليَوْمَ عَنَّا ببَعِيْدٌ، والله أعْلَمُ.
ومَهْما يَكُنْ مِنْ شَرٍّ يُبَيِّتُهُ الأعْدَاءُ للأمَّةِ الإسْلامِيَّةِ إلاَّ أنَّهم لَنْ يَتَعَدُّوا حُدُوْدَهُم، ولَنْ يَجْعَلَ الله لهُم على المُسْلِمِيْنَ سَبِيْلاً عَامًّا، لأنَّ العَدُوَّ الخَارِجِيَّ مَكْشُوْفُ الوَجْهِ مَعْلُوْمُ الخُبْثِ فَكَانَ والحَالَةُ هَذِهِ مَعْرُوْفًا لَدَى العَامَّةِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ فَضْلاً عَنِ الخَاصَّةِ مِنَ الحُكَّامِ والعُلَماءِ، لكِنَّ الخَطَرَ يَكْمُنُ كُلُّهُ إذَا كَانَ هَذَا الشَّرُّ وهَذَا الخَطَرُ يَسْرِي