قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَجَعَلَ أُولَئِكَ النَّفَرُ يَقُولُونَ ذَلِكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ لَقُوا مِنْ النَّاسِ، وَصَدَرَتْ العربُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْسِمِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْتَشَرَ ذكرُه فِي بلادِ العربِ كلِّها.
شعر أبي طالب في معاداة خصومه: فَلَمَّا خَشِيَ أَبُو طَالِبٍ دَهْماءَ الْعَرَبِ أَنْ يَرْكَبُوهُ مَعَ قَوْمِهِ، قَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي تعوَّذ فِيهَا بِحَرَمِ مَكَّةَ وَبِمَكَانِهِ مِنْهَا، وَتَوَدَّدَ فِيهَا أشرافَ قَوْمِهِ، وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ يُخبرهم وغيرَهم فِي ذَلِكَ مِنْ شِعْرِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْلِم رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ولا تَارِكُهُ لِشَيْءِ أَبَدًا حَتَّى يَهْلِكَ دونَه، فَقَالَ:
وَلَمَّا رأيتُ القومَ لَا وُدَّ فيهمُ ... وَقَدْ قَطَعُوا كلَّ العُرَى وَالْوَسَائِلِ
وَقَدْ صَارَحُونَا بالعداوةِ والأذَى ... وَقَدْ طَاوَعُوا أمرَ العدوِّ الْمُزَايِلِ
وَقَدْ حَالَفُوا قَوْمًا عَلَيْنَا أظِنَّةً ... يَعَضُّونَ غَيْظًا خلفَنا بالأناملِ
صبرتُ لَهُمْ نَفْسِي بِسَمْرَاءَ سَمْحة ... وأبيضَ عَضْب من تُراث المقاولِ1
وأحصرتُ عندَ الْبَيْتِ رَهْطِي وَإِخْوَتِي ... وأمسكتُ مِنْ أثوابِه بالوصائلِ2
قِيَامًا مَعًا مُسْتَقْبِلِينَ رِتاجَه لُدًى ... حيثُ يَقْضي حلفه كل نافلِ3
وحيثُ يُنيبخ الْأَشْعَرُونَ ركابَهم ... بمُفْضّي السيولِ مِنْ إسافَ وَنَائِلِ
مُوَسَّمة الأعضادِ أَوْ قَصَراتها ... مُخَيَّسة بينَ السَّديس وبازلِ4