إلَّا عُرف أَنَّهُ بَاطِلٌ، وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ فِيهِ؛ لَأَنْ تَقُولُوا سَاحِرٌ، جَاءَ بِقَوْلٍ هُوَ سحر يفرِّق به بين المرءِ وابنه، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَأَخِيهِ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجَتِهِ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَعَشِيرَتِهِ. فَتُفَرِّقُوا عَنْهُ بِذَلِكَ، فَجَعَلُوا يَجْلِسُونَ بسُبُل الناس حين قدموا الموسم، ولا يَمُرُّ بِهِمْ أَحَدٌ إلَّا حَذَّرُوهُ إيَّاهُ، وَذَكَرُوا لَهُمْ أَمْرَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَلِيدِ بن المغيرة في ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا، وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا، وَبَنِينَ شُهُودًا، وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا، ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ، كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآياتنَا عَنِيدًا} [المدثر:11-16] ، أَيْ خَصِيمًا.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَنِيدٌ: مُعَانِدٌ مُخَالِفٌ. قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
وَنَحْنُ ضرَّابون رأسَ العُنَّد
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ.
{سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا، إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} ، [المدثر: 17-22] .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: بَسَرَ: كرَّه وَجْهَهُ. قَالَ العَجَّاج:
مُضبَّر اللَّحْيين بَسْرًا مِنْهَسا1
يَصِفُ كَرَاهِيَةَ وَجْهِهِ. وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ.
{ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ، فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر: 23-25] .
رد القرآن على صحب الوليد: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِيمَا جَاءَ بِهِ من الله تعالى وفي النَّفَرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ يصنِّفون الْقَوْلَ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ، الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ، فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، [الحجر: 90-93] .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاحِدَةُ العِضين: عِضَة، يَقُولُ: عَضَّوْه: فَرَّقُوهُ. قَالَ رُؤبة بْنُ العُجاج:
وَلَيْسَ دينُ اللَّهِ بالمعضَّى
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ له.