وهذا الكتاب الفذ يعد تصويرا صادقا لا كانت عليه الأمة الإسلامية من تقدم وازدهار في كافة العلوم المعرفية، فهؤلاء هم علماء الأمة ومؤرخوها وشعراؤها الذين لا يزالون مفخرة للعرب والمسلمين في مختلف العصور، فما وجد هذا الحشد الهائل من العلماء، والمؤرخين، والنحاة والشعراء وغيرهم في أمة من الأمم.
وهؤلاء هم الملوك والأمراء الذين فتحوا البلاد، ونافحوا عن المقدسات، قد سطر التاريخ بطولاتهم بأحرف من نور يستضيء بسيرتهم أبناء الأمة الإسلامية من ملوك ورؤساء وعلماء فلا جرم أن يكونوا مفخرة للعرب والمسلمين في مختلف الدهور والعصور.
إن هذا الكتاب الفذ بهذا الحشد الهائل من العلماء، والمؤرخين، والشعراء لخير شاهد على أن أمة أنجبت هذا الحشد الكبير لهي أمة تقدس العلم والمعرفة، وهي حقيقة بأن ينظر إليها بعين الإجلال والإكبار.
ولا جرم أن هذا الكتاب بهذا الحجم الضخم من التراجم سيكون مقصد كل متعلم وباحث عن المعرفة فإذا أراد التوسع في سيرة أي علم من الأعلام فسيجد طلبته ومقصده في هذا الكتاب، وإذا لم يجد ترجمة في الكتب المتداولة فسيجدها في هذا الكتاب العظيم.
إن هذا الكتاب العظيم بهذه التراجم الكثيرة، والتي توسع فيها عن تراجم "تاريخ الإسلام" بأخباره الكثيرة، ومادته العلمية الثرة لهو حقيق بإجلال وإكبار كل العلماء على مختلف تخصصاتهم العلمية. فرحم الله عالمنا الحافظ الذهبي الذي ختم حياته بهذا المؤلف العظيم رحمة واسعة، وحشرنا في زمرته إنه سميع مجيب كريم جواد.
عاشرا وفاته:
قال تلميذه الأديب العلامة الشيخ صلاح الدين أبو الصفاء الصدفي في كتابه "الوافي بالوفيات" "2/ 165": أخبرني العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي قال: عدت الحافظ شم الدين الذهبي ليلة مات، فقلت له: كيف تجدك؟ قال: في السياق. وكان قد أضر -رحمه الله تعالى- قبل موته بأربع سنين أو أكثر بماء نزل في عينيه، فكان يتأذى ويغضب إذا قيل له: لو قدحت هذه لرجع إليك بصرك. ويقول: ليس هذا بماء، وأنا أعرف بنفسي؛ لأنني ما زال بصري ينقص قليلا قليلا إلى أن تكامل عدمه. ثم سأله: أدخل وقت المغرب؟ فقال له الوالد: ألم تصل العصر؟ فقال: بلى ولكن لم أصل المغرب إلى الآن، ثم