سأله الشيخ تقي الدين علي السبكي -رحمه الله- عن الجمع بين المغرب والعشاء تقديما، فأفتاه بذلك، ففعله، ومات بعد العشاء قبل نصف الليل1 ليلة الإثنين ثالث ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بدمشق، بالمدرسة المنسوبة لأم الصالح، في قاعة سكنه، وصلي عليه يوم الإثنين صلاة الظهر في جامع دمشق، ودفن بباب الصغيرة وحضر الصلاة عليه تلميذه تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي السكبي- صاحب "طبقات الشافعية الكبرى"- وقال في "الطبقات" "9/ 106": أنشدنا شيخنا الذهبي، من لفظه لنفسه2:
تولى شباب كأن لم يكن ... وأقبل شيب علينا تولى
ومن عاين المنحنى والنقى ... فما بعد هذين إلا المصلى
ثم قال الشيخ عبد الوهاب بن علي السبكي تاج الدين: وأنشدنا لنفسه، وأرسلها معي إلى الوالد رحمه الله، وهي فيما أراه آخر شعر قاله، لأن ذلك كان في مرض موته، قبل موته بيومين أو ثلاثة.
قال الحافظ الذهبي -رحمه الله- في آخر شعر قاله- يمدح به تقي الدين علي السبكي، والد تاج الدين عبد الوهاب صاحب الطبقات:
تقي الدين يا قاضي الممالك ... ومن نحن العبيد وأنت مالك
بلغت المجد في دين ودنيا ... ونلت من العلوم مدى كمالك
ففي الأحكام أقضانا علي ... وفي الخدام مع أنس بن مالك
وكابن معين في حفظ ونقد ... وفي الفتيا كسفيان ومالك
وفخر الدين في جدل وبحث ... وفي النحو المبرد وابن مالك
وتسكن عند رضوان قريبا ... كما زحزحت عن نيران مالك
تشفع في أناس في فراء ... لتكسوهم ولو من رأس مالك
لتعطى في اليمين كتاب خير ... ولا تعطى كتابك في شمالك
ورثاه تقي الدين علي السكبي، فقال: