المُلُوْك"، وَكِتَاب "التَّرسُّل"، وَكِتَاب "مُخَاطبَات الأَصْدِقَاءِ"، وَكِتَابُ "حِفْظ الجَارِ"، وَكِتَابُ "ذَمّ النَّمِيمَةِ"، وَلَهُ شعرٌ رَصينٌ فِي الموَاعِظ وَالأَمْثَال.

قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ أَبَا عَامِرٍ العَبْدَرِي عَنِ الحُمَيْدِيّ، فَقَالَ: لاَ يُرَى مِثْلُه قَطُّ، وَعَنْ مِثْلِه لاَ يُسْأَل، جَمَعَ بَيْنَ الفِقْهِ وَالحَدِيْثِ وَالأَدبِ، وَرَأَى عُلَمَاء الأَنْدَلُس، وَكَانَ حَافِظاً.

قُلْتُ: كَانَ الحُمَيْدِيّ يُقْصَدُ كثيرًا في رواية "كتاب الشهاب" عن مُؤلِّفه، فَقَالَ: صَيَّرنِي الشِّهَابُ شِهَاباً.

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِي: كَانَ الحُمَيْدِيّ يَدلُّنِي عَلَى الشُّيُوْخِ، وَكَانَ مُتقللاً -مِنَ الدُّنْيَا- يَمُونه ابْنُ رَئِيْس الرُّؤسَاء، ثُمَّ جَرَتْ لِي مَعَهُ قصصٌ أَوجبت انْقطَاعِي عَنْهُ. وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ الخَاضِبَة: أَنَّهُ مَا سَمِعَ الحُمَيْدِيَّ يذكُر الدُّنْيَا قَطُّ.

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَرْخَان: سَمِعْتُ الحُمَيْدِيَّ يَقُوْلُ: ثَلاَثُ كُتُبٍ مِنْ عُلُوْم الحَدِيْث يَجِبُ الاهتمَامُ بِهَا: كِتَابُ "الْعِلَل"، وَأَحْسَن مَا وَضَع فِيْهِ كِتَابُ الدَّارَقُطْنِيّ.

قُلْتُ: وَجَمَعَ كِتَابَ "الْعِلَل" فِي عِدَّةِ كتب عَلِيُّ بن المَدِيْنِيِّ إِمَامُ الصَّنعَة، وَجَمَعَ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّل مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ عِلل الأَحَادِيْث الَّتِي تَكَلَّمَ عَلَيْهَا الإِمَامُ أَحْمَد، فَجَاءَ فِي ثَلاَثَةِ مُجلَّدَات، وَفِيْهِ فَوَائِدُ جَمَّة، وَأَلَّف ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ كِتَاباً فِي الْعِلَل، مُجَلد كَبِيْر.

قَالَ: وَالثَّانِي كِتَابُ "المُؤْتَلِفِ وَالمُخْتَلِفِ"، وَأَحْسَنُ مَا وَضَع فِيْهِ "الإِكمَال" لِلأَمِيْرِ ابْن مَاكُوْلا، وَكِتَاب وَفِيَات المَشَايِخ، وَلَيْسَ فِيْهِ كتاب، -يُرِيْدُ: لَمْ يُعملْ فِيْهِ كِتَاب عَامٌّ- قَالَ الحُمَيْدِيُّ: وَقَدْ كُنْتُ أَردتُ أَنْ أَجْمَع فِيْهِ كِتَاباً، فَقَالَ لِي الأَمِيْرُ: رتِّبه عَلَى حُرُوف المُعْجَم بَعْدَ أَنْ تُرَتِّبَه عَلَى السِّنِيْنَ.

قُلْتُ: قَدْ جَمع الحَافِظُ أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّاب فِي ذَلِكَ كِتَاباً ضَخْماً، وَلَمْ يَسْتَوعِبْ، وَلاَ قَارب، وَجَمَعَ فِي ذَلِكَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْده الأَصْبَهَانِيّ كِتَاباً كَبِيْراً منثوراً، وَعَلَى مَا أَشَارَ بِهِ الأَمِيْرُ أَبُو نَصْرٍ عملتُ أَنَا "تَارِيخ الإِسْلاَم"، وَهُوَ كَاف فِي مَعْنَاهُ -فِيمَا أَحسَبُ-، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي تَوَارِيخُ كَثِيْرَة مِمَّا قَدْ سَمِعْتُ بِهَا بِالعِرَاقِ، وَبِالمَغْرِب وَبرَصَد مَرَاغَة، فَفَاتَنِي جُمْلَةً وَافرَةٌ.

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَرخَان: فَاشْتَغَلَ الحُمَيْدِيّ "بِالصَّحِيْحَيْنِ" إِلَى أَنْ مَاتَ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ فِي "تَارِيْخِهِ": أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، أخبرنا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الجُهَنِيّ بِمصَنَّف النَّسَائِيّ قِرَاءةً عَلَيْهِ، عَنْ حَمْزَة الكِنَانِيّ، عَنْهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015