قَالَ القَاضِي عِيَاض: مُحَمَّد بن أَبِي نَصْرٍ الأَزْدِيّ الأَنْدَلُسِيّ، سَمِعَ بِمَيُوْرْقَةَ مِنِ ابْنِ حَزْم قديماً، وَكَانَ يَتعصَّبُ لَهُ، وَيَمِيْل إِلَى قَوْلِهِ، وأصابته فيه فِتْنَةٌ، وَلَمَّا شُدِّد عَلَى ابْنِ حَزْم، خَرَجَ الحُمَيْدِيُّ إِلَى المَشْرِقِ.

تُوُفِّيَ الحُمَيْدِيّ فِي سَابع عَشر ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ عَنْ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً أَوْ أَكْثَر، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيّ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة بَاب أَبْرَز، ثُمَّ إِنَّهُم نَقلُوْهُ بَعْد سنتَيْن إِلَى مَقْبَرَة بَاب حَرْب، فَدُفِنَ عِنْدَ بِشرٍ الحَافِي.

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ الحُمَيْدِيّ أَوْصَى إِلَى الأَجَلِّ مُظَفَّر بن رَئِيْس الرُّؤسَاءِ أَنْ يَدْفِنَهُ عِنْد بشرٍ، فَخَالفَ، فَرَآهُ بَعْدَ مُدَّة فِي النَّوْمِ يُعَاتِبه، فَنَقله فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ، وَكَانَ كفنُه جَدِيداً، وَبَدَنُه طَرِيّاً يَفوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الطِّيب -رَحِمَهُ اللهُ- وَوَقَفَ كتبه.

أَخْبَرَنَا أَبُو الفَهْمِ بن أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، وَقَرَأْتُ عَلَى سُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ بِحَلَبَ، أَخْبَرَنَا المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ بن يُوْسُفَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن أبي نصر الحافظ سَنَة "485"، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ النُّعْمَانِ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ القَاضِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بن زَيْدٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز ابن صُهَيْب، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُوْرِ بَرَكَةً" 1 رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه مِنْ طرِيقِ حَمَّادِ بن زَيْدٍ، وَهُوَ غَرِيْب عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طرِيقِ ابْنِ عُلية وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ.

وَمِنْ نَظمِ الحُمَيْدِيّ:

طَرِيْقُ الزُّهْدِ أَفْضَلُ مَا طَرِيْقِ ... وَتَقوَى اللهِ تَأْدِيَةُ الحُقُوقِ

فَثِقْ بِاللهِ يَكْفِكَ واستعنه ... يعنك وذر بنيات الطريق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015