يَسْتَذِمُّ مِنْكَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَصْحَابِهِ بذمَام الله وَرَسُوْله وَذمَامِ العَرَب. قَالَ: نَعَمْ. وَخلعَ قَلَنْسَوَتَهُ فَأَعْطَاهَا الخَلِيْفَةَ وَأَعْطَى الوَزِيْر مِخْصَرَتَهُ فَنَزَلاَ إِلَيْهِ وَذَهَبَا مَعَهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ البسَاسيرِي: أَتخَالفُ مَا تَقرَّر بَيْنَنَا؟ قَالَ: لاَ. ثُمَّ اتفقَا عَلَى تَسْلِيم الوَزِيْر فَلَمَّا أَتَاهُ؛ قَالَ: مَرْحَباً بِمُهلك الدُّول. قَالَ: العفوُ عِنْدَ القُدرَة. قَالَ: أَنْتَ قدرتَ فَمَا عَفْوتَ وَركبتَ الْقَبِيح مَعَ أَطفَالِي فَكَيْفَ أَعفُو وَأَنَا رَبُّ سَيْف! ?. وَحَمَلَ قُرَيْشٌ الخَلِيْفَةَ إِلَى مُخَيَّمه وَسَلَّمَ زوجَتَه إِلَى ابْنِ جَرْدَة وَنُهبت دورُ الخِلاَفَة فَسَلَّمَ قُرَيْشٌ الخَلِيْفَةَ إِلَى ابْنِ عَمّه مهَارش بنُ مجلِّي فَسَارَ بِهِ فِي هودجٍ إِلَى الحَدِيْثَة وَسَارَ حَاشيَة الخليفة على حمية إلى طغرلبك وشكى الخَلِيْفَةُ البردَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُتَوَلِّي الأَنبار جُبَّةً وَلحَافاً. وَلاَ رِيب أَنَّ اللهَ لطَفَ بِالقَائِم لدينِهِ.

حكَى المُحَدِّثُ أَبُو الحَسَنِ بنُ عَبْدِ السَّلاَم: سَمِعْتُ الأُسْتَاذ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ عَامِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ إِلَى الخزَانَة، فَأَعْطونِي عِدَّة قصَص، حَتَّى امتلأَ كُمِّي فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ الخَلِيْفَةُ أَخِي لضَجر مِنِّي وَأَلقيتُهَا فِي البركَة. وَكَانَ القَائِمُ يَنْظُرُ وَلَمْ أَدرِ. قَالَ: فَأَمر بِأَخَذِ الرِّقَاع فَنُشِرَتْ فِي الشَّمْسِ ثُمَّ وَقَّعَ عَلَى الجمِيْع وَقَالَ: يَا عَامِّيُّ! لِمَ فَعَلتَ هَذَا؟ قَالَ: فَاعْتذرتُ فَقَالَ: مَا أَطْلَقْنَا شَيْئاً مِنْ أَمْوَالنَا بَلْ نَحْنُ خُزَّانُهُم.

نعم، وَأَحْسَنَ البسَاسيرِيُّ السِّيرَةَ، وَوَصل الفُقَهَاء، وَلَمْ يَتعصب لِلشيعَة، وَرَتَّبَ لأُمِّ الخَلِيْفَةِ رَاتباً. ثُمَّ بَعْدَ أَيَّام أُخرج الوَزِيْر مُقَيَّداً عَلَيْهِ طُرْطُور وَفِي رقبته قِلاَدَةُ جُلُود وَهُوَ يَقرَأُ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ} [آل عِمْرَان:26] فَبصق فِي وَجْهِهِ أَهْلُ الرَّفض فَالأَمْر للهِ ثُمَّ صُلِبَ وَجُعِلَ فِي فَكَّيه كَلُّوبَانِ فَمَاتَ ليَوْمه وَقتلُوا العَمِيْد أَيْضاً وَهُوَ الَّذِي بَنَى رِبَاط شَيْخِ الشُّيُوْخ ثُمَّ سَارَ البسَاسيرِيُّ فَحكم عَلَى البَصْرَةِ وَوَاسط وَخَطَبَ بِهَا لِلمُسْتنصر وَلَكِن قَطَعَ المُسْتنصر مُكَاتَبته خَوَّفه وَزِيْرُه أَبُو الفَرَجِ ابْنُ أَخِي الوَزِيْر المَغْرِبِيّ وَكَانَ قَدْ هَرَبَ مِنَ البسَاسيرِي فَذَمَّ أَفعَاله وَخَوَّف مِنْ عَوَاقِبه. وَبِكُلِّ حَالٍ فَنَالَهُ مِنَ المصريين نحو ألف ألف دينار.

وَفِي سَنَةِ "454": زوَّج القَائِم بِنْته بِطُغْرُلْبَك بَعْد اسْتَعفَاء وَكُرْهٍ وَغَرِقت بَغْدَاد؛ وَبلغ المَاء أَحَداً وَعِشْرِيْنَ ذرَاعاً.

وَفِي سَنَةِ "456": قبض السُّلْطَان أَلب آرسلاَن عَلَى وَزِيْره عَمِيْد الْملك الكُندرِي وَاسْتَوْزَرَ نِظَامَ المُلْك وَكَانَ المَصَافُّ بِالرَّيِّ بَيْنَ أَلب آرسلاَن وَقَرَابَته قُتُلْمِش فَقُتل قُتُلْمِش وَنَدِمَ السُّلْطَانُ وَعَمِلَ عزَاءهُ ثُمَّ سَارَ يَغْزُو الرُّوْم. وَأُنشِئْت مدينَة بِجَايَة بنَاهَا النَّاصرُ بنُ عَلنَاس وَكَانَتْ مرعىً للدواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015