ابن غيلان بن حكم, شيخ المالكية, أبو العباس العبدي البصري, المَالِكِيُّ, الأُصُوْلِيُّ, شَيْخُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي. تَفَقَّهَ بِعَبْدِ المَلِكِ بنِ المَاجَشُوْنِ, وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ. وَكَانَ مِنْ بُحُورِ الفِقْهِ, صَاحِبَ تَصَانِيْف, وَفَصَاحَةٍ, وَبَيَانٍ.
حَدَّثَ عَنْ بِشْرِ بنِ عُمَرَ الزَّهْرَانِيِّ, وَطَبَقَتِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي, وَأَخُوْهُ حَمَّادٌ, وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ: قَالَ لِي أَبُو خَلِيْفَةَ: أَحْمَدُ بنُ المُعَذَّل أَفْضَلُ مِنْ أَحْمَدِكُم, يَعْنِي أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيُّ: كَانَ ابْنُ المُعَذَّلِ مِنَ الفِقْهِ وَالسَّكِينَةِ وَالأَدَبِ وَالحَلاَوَةِ فِي غَايَةٍ. وَكَانَ أَخُوْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ الشَّاعِرُ يُؤذِيه, فَكَانَ أَحْمَدُ يَقُوْلُ لَهُ: أَنْتَ كَالأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ, إِنْ تُرِكَتْ شَانَتْ, وَإِنْ قُطِعَتْ آلَمَتْ. وَقَدْ كَانَ أَهْلُ البَصْرَةِ يُسَمُّوْنَ أَحْمَدَ: الرَّاهِبَ لِتَعَبُّدِهِ, وَدِيْنِهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ يَنْهَانِي عَنْ طَلَبِ الحَدِيْثِ, يَعْنِي: زَهَادَةً.
قُلْتُ: كَانَ يَقِفُ فِي خَلْقِ القُرْآنِ.
وَرَوَى المُعَافَى الجُرَيْرِيُّ, عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ مُحَمَّدٍ الكُرَيْزِيِّ, عَنْ عَبْدِ الجَلِيْلِ بنِ الحَسَنِ, قَالَ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ المُعَذَّلِ فِي مَجْلِسِ أَبِي عَاصِمٍ, فَمَزَحَ أَبُو عَاصِمٍ يُخجِلَ أَحْمَدَ, فَقَالَ: يَا أَبَا عَاصِمٍ, إِنَّ اللهَ خَلَقَكَ جِدّاً, فَلاَ تَهْزِلَنَّ, فَإِنَّ المُسْتَهْزِئَ جَاهِلٌ, قَالَ تَعَالَى: {قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البَقَرَةُ: 67] . فَخَجِلَ أَبُو عَاصِمٍ, ثُمَّ كَانَ يُقعِدُ أَحْمَدَ بنَ المُعَذَّلِ إِلَى جَنْبِهِ.
وَرَوَى يَمُوْتُ بنُ المُزَرَّعِ, عَنِ المُبَرِّدِ, عَنْ أَحْمَدَ بنِ المُعَذَّلِ, قَالَ: كُنْتُ عند بن المَاجَشُوْنِ فَجَاءهُ بَعْضُ جُلَسَائِهِ, فَقَالَ: يَا أَبَا مَرْوَانَ, أُعْجُوْبَةٌ, خَرَجْتُ إِلَى حَائِطِي بِالغَابَةِ, فَعَرَضَ لِي رَجُلٌ, فَقَالَ: اخْلَعْ ثِيَابَكَ. قُلْتُ: لِمَ? قَالَ: لأَنِّي أَخُوْكَ، وَأَنَا عُرْيَانُ. قُلْتُ: فَالمَوَاسَاةُ? قَالَ: قَدْ لَبِسْتَهَا بُرْهَةً. قُلْتُ: فَتُعَرِّيْنِي? قَالَ: قَدْ رَوَينَا عَنْ مَالِكٍ, أَنَّهُ قَالَ: لاَ بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَغْتِسَلَ عُرْيَاناً. قُلْتُ: تُرَى عَوْرَتِي. قَالَ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَلْقَاكَ هُنَا مَا تَعَرَّضْتُ لَكَ. قُلْتُ: دَعْنِي أَدْخُلْ حَائِطِي، وَأَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ. قَالَ: كَلاَّ, أَرَدْتَ أَنْ تُوَجِّهَ عَبِيدَكَ, فَأُمْسَكَ. قُلْتُ: أَحلِفُ لَكَ. قَالَ: لاَ تَلْزَمُ يَمِيْنُكَ لِلِصٍّ. فَحَلَفتُ لَهُ: لأَبعَثَنَّ بِهَا طَيِّبَةً بِهَا نَفْسِي. فَأَطرَقَ, ثُمَّ قَالَ: تَصَفَّحتُ أَمرَ اللُّصُوْصِ مِنْ عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى وَقْتِنَا, فَلَمْ أَجِدْ لِصّاً أَخَذَ بِنَسِيْئَةٍ, فَأَكْرَهُ أَنْ أَبْتَدِعَ, فَخَلَعتُ ثيابي له.
لم أر له وفاة.