الكَرْمَانِيَّ, وَلَحِقَ جُمُوْعَه شَيْبَانُ بنُ مَسْلَمَةَ السَّدُوْسِيُّ الخارجي, المتغلب على سرخس وطوس, فحاربم نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ نَحْواً مِنْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ ثُمَّ اصْطَلَحَ نَصْرٌ وَجُدَيْعُ بنُ الكَرْمَانِيِّ عَلَى أَنْ يُحَارِبُوا أَبَا مُسْلِمٍ فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ حَرْبِه وَظَهَرُوا, نَظَرُوا فِي أَمرِهِم فَدَسَّ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى ابْنِ الكَرْمَانِيِّ يَخْدَعُه وَيَقُوْلُ إِنِّي مَعَكَ فَوَافَقَه ابْنُ الكَرْمَانِيِّ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ فَحَارَبَا نَصْراً, وَعَظُمَ الخَطبُ.
ثُمَّ إِنَّ نَصْرَ بنَ يسار كَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: أَنَا أُبَايِعُكَ, وَأَنَا أَحَقُّ بِكَ مِنِ ابْنِ الكَرْمَانِيِّ فَقَوِيَ أَمرُ أَبِي مُسْلِمٍ, وَكَثُرَتْ جُيُوْشُه, ثُمَّ عَجَزَ عَنْهُ نصر, وتقهقر إِلَى نَيْسَابُوْرَ, وَاسْتَولَى أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَسبَابِه وَأَهْلِه ثُمَّ جَهَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ جَيْشاً إِلَى سرخس, فقاتلهم فقتل شيبان وَقُتِلَتْ أَبْطَالُه ثُمَّ التَقَى جَيْشُ أَبِي مُسْلِمٍ, وَجَيْشُ نَصْرٍ, وَسَعَادَةُ أَبِي مُسْلِمٍ فِي إِقبَالٍ فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ نَصْرٍ, وَتَأَخَّرَ هُوَ إِلَى قُوْمِسَ, ثُمَّ ظَفِرَ أَبُو مُسْلِمٍ بِسَلْمِ بنِ أَحْوَزَ الأَمِيْرِ فَقَتَلَه, وَاسْتَولَى عَلَى مَدَائِنِ خُرَاسَانَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ, وَظَفِرَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ, فَقَتَلَه.
ثُمَّ جَهَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ قَحْطَبَةَ بنَ شَبِيْبٍ, فَالْتَقَى هُوَ وَنُبَاتَةُ بنُ حَنْظَلَةَ الكِلاَبِيُّ عَلَى جُرْجَانَ فَقَتَلَ الكِلاَبِيَّ, وَتَمَزَّقَ جَيْشُه, وَتَقَهقَرَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ إِلَى وَرَاءَ, وَكَتَبَ إِلَى مُتَوَلِّي العِرَاقِ يَزِيْدَ بنِ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ وَالِي الخَلِيْفَةِ مَرْوَانَ يَسْتَصْرِخُ بِهِ وَلاَتَ حِيْنَ مَنَاصَ, وَكَثُرَتِ البُثُوقُ عَلَى مَرْوَانَ مِنْ خَوَارِجِ المَغْرِبِ, وَمِنَ القَائِمِيْنَ بِاليَمَنِ, وَبِمَكَّةَ, وَبِالجَزِيْرَةِ وَوَلَّتْ دَوْلَتُه فَجَهَّزَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جَيْشاً عَظِيْماً, فَنَزَلَ بعضهم همدان وبعضهم بماه فالتقاهم قحطبة ابن شَبِيْبٍ بِنَوَاحِي أَصْبَهَانَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ, فَانْكَسَرَ جَيْشُ ابْنِ هُبَيْرَةَ, ثُمَّ نَازَلَ قَحْطَبَةُ نَهَاوَنْدَ يُحَاصِرُهَا, وَتَقَهقَرَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ إِلَى الرَّيِّ.
ذَكَرَ ابْنُ جَرِيْرٍ: أَنَّ جَيْشَ ابْنِ هُبَيْرَةَ كَانُوا مائَةَ, أَلْفٍ عَلَيْهِم عَامِرُ بنُ ضُبَارَةَ, وَكَانَ قَحْطَبَةُ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً, فَنَصَبَ قَحْطَبَةُ رُمْحاً عَلَيْهِ مُصْحَفٌ وَنَادَوْا: يَا أهل الشام ندعوكم إلى ما في المُصْحَفِ فَشَتَمُوهُم فَحَمَلَ قَحْطَبَةُ فَلَمْ يَطُلِ القِتَالُ حَتَّى انْهَزَمَ جُنْدُ مَرْوَانَ وَمَاتَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ بِالرَّيِّ. وَقِيْلَ بِسَاوَةَ وَأَمَرَ أَوْلاَدَهُ أَنْ يَلْحَقُوا بِالشَّامِ وَكَانَ يُنشِدُ لَمَّا أَبْطَأَ عَنْهُ المدد:
أَرَى خَلَلَ الرَّمَادِ وَمِيضَ نَارٍ ... خَلِيقٌ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ ضِرَامُ
فَإِنَّ النَّارَ بِالزَّنْدَيْنِ تُورَى ... وَإِنَّ الفِعلَ يَقْدُمُهُ الكَلاَمُ
وَإِنْ لَمْ يُطفِهَا عُقَلاَءُ قَوْمٍ ... يَكُوْنُ وَقُوْدَهَا جُثَثٌ وَهَامُ
أَقُوْلُ مِنَ التَّعَجُّبِ لَيْتَ شِعْرِي ... أَيَقْظَانٌ أُمَيَّةُ أَمْ نيام?!