الطبي (?) فكلتاهُما من الأعاجيب التي انفرد بِها سوس في ذلك العهد، ثُمَّ انطوى الكتابان معا حتى لا يوقع لَهما على نسخة إلا في الندور (?)، ثم إن هناك من بين من أخذوا أخذا كثيرا من إيليغ من يُمكن أن نتخذه أيضا كحجة على ما هنالك، وهو اليوسي الذي رأيناه ينقطع هناك ما شاء الله فيأخذ عن الجزوليين في إيليغ، ثم ما فارق تلك المدينة حتى أرسله أميرها أبو حسون بودميعة ليدرس بتارودانت، فيمكن أن يكون مرآة واضحة لإيليغ، فيتخذ أدبه وما يستمد منه في كتبه الأدبية كـ (أزهار الأكم) (والمحاضرات) وأمثالهما كمثال حي ماثل بين أعين الباحثين، فلو كان اليوسي إنّما أخذ من الإيليغيين وحدهم؛ لجزمنا بأنه هو مرآة صافية حقّا للأدب الإيليغي، ولكن رأيناه ربض أيضا كثيرا قبل هذا الوقت وبعده عند أناس دكاليين ودلائيين وغيرهم حتى تفوق.
ثم بعد هذا الحين ألقى رحله وقد استوفى عند الدلائيين الأدباء الكبار، على أن في كونه وقت عنفوان أخذه في إيليغ لدليلا واضحا لِما نريده، وأيّا كان فمما لا يمكن أن ينكر أن في أدب اليوسي جانبا غير قليل، إن لَم يكن هو الغالب عليه من التأثير الإيليغي، أوَليست هذه هي الحقيقة؟ ومن عرف كيف بعض أساتذته في الأدب واللغة هناك كعبد العزيز الرسْمُوكي، والقاضي مُحمد بن سعيد لا يَسْتبعد ذلك.
ثُم امتد الأدب السوسي الإيليغي إلى هذا المدى الذي يَجده مُحمد العالِم الذي كان في تارودانت خليفة لوالده في سنة (1109هـ) حتى ألقي عليه القبض بعد ثورته فقتل (1118هـ)، (على التحقيق) لا في (1116هـ) (كما في الاستقصا)، فبقتله ينتهي في نظرنا امتداد النهضة الأولى السوسية التي حاولنا أن نُبين تقلباتها، فقد بلغت أشدها في العهد السعدي، ثُم بقيت طلاوتِها في العهد الإيليغي، ثم لفظت نفسها مع انْهِيار عهد مُحمد العالِم العلوي، بعد إلقاء بعض روائعها في حضرته، فكان عمرها نَحو (200) سنة.