سوس العالمه (صفحة 65)

ما أودعه في كتابه من قصائد ومقطعات، وبعض نثر، وقد حكم بأن الأديب السوسي إذ ذاك وإن كان في منتهى اللطف والأريحية، والرقة ودقة الشعور كان نزيها متدينا عفيفا، لا يطبيه الْهَوى، ولا تؤديه أريحية الأدب إلى أن يتهتك، وهذا في نظرنا نَحن كما هو في نظر كل متدين مُحافظ على المروءة مِما يدل على سُمو وشفوف مِمن اتَّصف به. على حين أن غيرنا قد يرى في هذا غير ما نرى فيه -فاختر لنفسك (?) ما يَحلو- ولعل أحسن ما أمدنا به ذلك المؤلف ما أفادناه مِما يستمد منه الأدب إذ ذاك ذلاقته، وتَمكن تعاليمه في الألسنة، فقد وصف الثلاثة الأولين من تلك الثلة، بأنَّهم حفظوا كلهم المقامات الحريرية وحفظوا قصائد كثيرة للمتنبي، والبحتري، وأبي تمام، وجرير، والفرزدق، والأخطل، وأبي نواس، وبشار، ومسلم، فضلا عن المعلقات، وقد استحضروا كثيرا من حَماسة أبي تَمام ومن الْحماسة المغربية مع معرفتهم للتاريخ، ثم وصف مُحمد بن أحمد الرسْموكي الذي كان مِمن نشأ تَحت ذيل الأديب الإيليغي بأنه كان فائقا على القدر، حافظا لأشعار العرب، ثم قال -ويظهر لي أنه أحفظ من الآخرين- لأن والده الأديب اعتنى به كثيرا، انظر إلى وصفه هذا الشاعر الإيليغي، بأنه أحفظ من أصحابه. فإن ذلك ينفعنا في الموضوع؛ لأن هذا الرسْموكي ما عرفت له رحلة إلى فاس، فإن كان من يريد أن يعترض علينا بذلك الاعتراض المتقدم حول أولئك الثلاثة، وإن ينازعنا فيما قلناه حول أخذهم أدبهم كله من فاس، فإنه لا يُمكن له إلا أن يسلم لنا هذه النتيجة التي حصلنا علينا بِهذا النص الواضح، فبذلك أدركنا من أين يستمد الأدب السوسي إذ ذاك، وكيف يتعلم المتأدب الأسلوب العربي، والعجيب ما ذكره من (الحماسة المغربية) وهو للجراوي من أدباء القرن السادس، فإنَّها غير مسموعة منذ ذلك العهد. فكيف وقع لَها حتى كانت معروفة متدارسة في هذه الزاوية المغربية في ذلك العصر، ثم لَم نَجد لَها أثرا اليوم، بل يَجهلها الغالب حتى أثار حديثها بعض الباحثين (?) أخيرا في الصحف، وما مدارسة الحماسة الجراوية في سوس إلا أخت مدراسة كتاب الزهراوي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015