به إليه أستاذ درعي متمثلا ببيت من ذلك الديوان (?)، ثم لا تنس أنه ممن أخذ عن ابن عثمان شيخ جزولة أول العاشر، أوَليس أن هذه المقدمة لا تنتج إلا أن بذرة حب الأدب التي كانت في مُحمد الشيخ إنَّما بدرت من بين أساتيذه الذين أخذ عنهم، كابن عثمان السوسي، وكغيره من غير السوسيين، ثم لَمَّا جاء السبب الخاص دعاه ذلك إلى حفظ ذلك الديوان:
إنَّما تنجح الْمَقالة في المر ... ء إذا صادفت هوى في الفؤاد
وما حِفْظُ ذلك الديوان إلا عنوان لِميله الأدبي الذي لَم ينشب أن اصطبغت به الدولة، فنشأ في بيئته الشباب السعدي كالمنصور وأمثاله.
إذن بذور هذه النهضة كانت موجودة في سوس قبل الدولة السعدية، ثُم لَمَّا قامت هذه الدولة وقد رسخ في أدمغتها حب الأدب لذلك الذي بيَّناه، أخذت بضبع الأدب العربي بالمغرب كله، وكانت سوس من بين الأجزاء المغربية الممتازة في تلك الدولة، بل كانوا يعدونَها وطنا خاصّا، ويرون في أهلها شيعة خاصة يعتمدون عليها في حرسهم الخاص (?) من غيره؛ لِمكانة السوسيين من أول يوم من البيعة لأول أمير سعدي، ثُم ظهر الأدب السوسي مزدهرا بأيدي أدباء كبار؛ كمحمد بن علي الهوزالي النابغة، وكسعيد الحامدي (?)، وولده أحمد، وأبي بكر التازولتي، وسعيد الإيلالني، ومُحمد بن عيسى التِّملي، وداود الوجاني، وموسى الوجاني، وأمثالهم ممن نعرف ومن لا نعرف، فكانت قوافيهم تترقى في الإجادة، بِحسب طبع كل واحد منهم، وهم يستظلون من الدولة استظلال من يرى أنه إنّما يستظل بظل دوحته في بستانه الخاص، فقد دلت قوافيهم التي خلصت إلينا على قلتها جدّا على أنهم يقولون في هذه الدولة ما يقولون عن إخلاص.
ثُم جاءت أكف الدولة المفعمة لَهم مع ما امتازوا به كلهم أو امتاز به بعضهم من سمو المنزع، فزادتهم إخلاصا على إخلاص، وفيما يقولون ما يلفت نظر الباحث في الأدب المغربي العام إلى ذلك العصر لفتا خاصّا، فهناك أقوال (?) للحامدي أعجبنا ببعضها غاية الإعجاب، كما أن هناك أخرى لابن عيسى التملي تدل على ذلاقة وجزالة ومتانة أسلوب، وأما ما رأيناه لَهم في غير