فإنه معتنى به جدّا من ناحية الإعراب، فقديما في القرن العاشر ألف سملالي في (إعراب أوائل الأحزاب) ثُم ألَّف أبو زيد الجشتيمي مُجلدين في (إعراب القرآن) كله، وقد أدركنا من عوائد الطلبة بالْمَدارس أن يُحلقوا حَول أساتذتِهم صباحا أو مساء فيعربون مقدار الوقف الأول من الْحِزب الراتب، ثُم لا يذرون من الاستشهاد من المتون كل شيء؛ ومقصودهم بذلك التمرين على إعراب الكلمات، وعلى استحضار الأدلة من المتون.
هذا وكان التفسير يُدرس في كل أدوار سوس العلمية، ولَم ينقطع قط، وقد كان الجشتيميون والأدوزيون والبونعمانيون والأقاريضيون والتيمكدشتون وغيرهم يُدرسونه أنصبة يومية، حتى ليتعالى إلى ذلك من لَم يكن يظن به إتقان كل العلوم التي يحتاج إليها من يتصدى لذلك.
دخلت على الأستاذ أحمد العيني في مَسجد المعدر سنة (1332هـ) فوجدته يُدرس التفسير دراسة حسنة، بلا تعمق فيها، ولكنها مبينة مفيدة، ولروجان هذا الفن وللمواظبة عليه حافظ ظاهر، وهو أن السوسي شلحي غير عربي، لا يُمكن أن يَهتدي لِمعاني الآيات إلا بالتفسير لكلماته، يتلقاه عن أربابه؛ ولذلك شاع عندهم، ثُمَّ لَم ينقطع كما انقطع في جل دراسات (?) المغرب إلى الجيل الأخير، حتى الصوفية يتدارسونه، فقد كان الشيخ الإلغي يُدرسه لِمريديه بتتبع، وينهى فقهاءهم عن الاشتغال بالأبْحَاث اللفظية لئلا يتعدوا المعنى المقصود، ومِمَّن نتذكرهم ممعنين في هذا الفن في التاريخ السوسي -مِمَّن استحضرتهم الآن- حسين بن داود الرسْمُوكي، والْحَسن بن علي التازروالتي دفين باب دكالة بِمراكش، الذي يَحفظ بعض التفاسير حفظا، فيورد كلامها أثناء تدريسه ويقول: انتهى كلام فلان بلفظه، ثم يورد كلام غيره كذلك، وفي مشيخة التامانارتي كثيرون من هؤلاء، وكان الحضيكي مِمَّن يعتني (?) بِهذا الفن تدريسا دائما، كما وجدته منبها عليها بِخط بعض أصحابه، وعبد العزيز التيزختي، ومُحمد بن زكرياء الولتي البارع في التفسير وغيره، وكذلك أبو زيد الجشتيمي، ثُم ولده سيدي الحاج أحمد، وسيدي محمد