كانت الأسرة العباسية كسلسلة الذهب بعلماء متقنين درسوا في تارودانت أولا، ثُم في إيليغ، ثُم في مدرسة قريتهم جوار إيليغ، وناهيك بأحْمَد العباسي أستاذ الحضيكي، وقد توفي أحْمَد العباسي هذا عام (1152هـ)، ثُم تسلسل فيهم العلم إلى أن انقضوا في نَحو أوائل القرن الثالث عشر.
هذا الرجل الذي نسبنا إليه مدرسة أفِيلال من إيسي طبقة وحده هِمَّة وإرشادا وتَحصيلا وورعا، فقد قام بالتأليف وبالتدريس وبتربية المريدين قياما يعز نظيره إلى أن توفي عام (1189هـ)، فكانت مدرسة أفِيلال ميدانه وميدان أولاده إلى أن انقرض الْجد والتحصيل في الأسرة بعد صدر هذا القرن الرابع عشر.
هذه المدرسة هي التي خلفت الحضيكية، لكنها أزخر اتباعا وإن كانت أقل تَحصيلا فاستفحل التدريس في مدرستها منذ العقد الثاني من القرن الثالث عشر، ولا تزال مدرسة تِيمْجيدشت أكبر مدرسة يقصدها الطلبة من جَميع الجنوب؛ لِما مر لشيخها المؤسس أبي العباس المتوفى عام (1274هـ)، وابنه الحسن المتوفى عام (1297هـ)، ثم تتابع فيهم العلم إلى أن انقرض بسيدي الْهَاشم المتوفى منذ نَحو ثلاثين سنة، وهذه المدرسة هي أم المدارس الحوزية البالغة نَحو خَمسين مدرسة منبثة حوالي مراكش بوساطة مدرسة مزوضة التي أسسها أحد تلاميذ آل تَميجيدشت.
كان الشيخ سيدي يعقوب من أول أواخر القرن العاشر وأوائل ما بعده، له مقام كبير في الروحانيات، حتى وصل الْخَبر إلى مولاي إسْماعيل الذي جاء بعده بنحو قرن فبنى عليه مشهدا ومَسْجدا ومدرسة، ثُم قامت أسرة آل علي بن سعيد بعمارتِها بالتدريس قياما عجيبا مُنذ أولِهم علي بن سعيد المتوفى عام (1239هـ) إلى الآن، ولا يزالون فيها، وبين رجالاتِهم علماء أفذاذ.