سوء الخلق (صفحة 166)

شيء ولم يجد من يعطيه وفاجأه الليل لم يأو إلى منزله حتى يتبرأ منه إلى من يحتاج إليه.

وكان لا يأخذ مما أتاه الله إلا قوت عامه فقط، وكان ذلك من أيسر ما يجد من التمر والشعير، ويضع ذلك في سبيل الله، ولا يسأل شيئا إلا أعطاه، ثم يعود على قوت عامه، فيؤثر منه حتى إنه ربما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شيء.

وكان يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخدم في مهنة أهله، ويقطع اللحم معهن، وكان أشد الناس حياء، لا يثبت بصره في وجه أحد.

وكان يجيب دعوة العبد والحر، ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن، أو فخذ أرنب، ويكافئ عليها، ويأكلها، ولا يأكل الصدقة، ولا يستكبر عن إجابة دعوة الأمة والمسكين.

يغضب لربه، ولا يغضب لنفسه، وكان يعصب الحجر على بطنه من الجوع، ومرة يأكل ما حضر، ولا يرد ما وجد، ولا يتورع عن مطعم حلال، وإن وجد تمرا دون خبز أكله، وإن وجد شواء أكله، وإن وجد خبز بر أو شعير أكله، وإن وجد حلوا أو عسلا أكله، وإن وجد لبنا دون خبز اكتفى به، ويشهد الجنائز، ويمشي وحده بين أعدائه بلا حارس.

وكان أشد الناس تواضعا، وأسكنهم من غير كبر، وأبلغهم من غير تطويل، وأحسنهم بشرا، لا يهوله شيء من أمور الدنيا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015