سوء الخلق (صفحة 157)

وهي ألفاظ محتملة لمعنيين؛ يفهم السامع منها معنى، ويريد المتكلم منها معنى آخر.

وإن شئت فقل: هي ألفاظ ذات وجهين: أحدهما غير حقيقة، وهو ما يسبق إلى فهم المخاطب. وثانيهما حقيقة، وهو ما يقصده المتكلم.

وهذا ما يفعله الذين أشربوا صدق اللهجة، متى عرفوا أن في القول الصريح حرجا أو خطرا.

19ـ من المداراة أن يوجه الداعي أو الناصح الإنكار إلى نفسه وهو يعني السامع.

قال ـ تعالى ـ فيما يقصه عن مؤمن آل ياسين حين أراد دعوة قومه إلى عبادة الله عز وجل {وَمَا لِي لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس:22] .

فإنه إن أراد تقريع المخاطبين؛ إذ أعرضوا عن عبادة خالقهم، وعكفوا على عبادة ما لا يغني عنهم شيئا، فأورد الكلام في صورة الإنكار على نفسه؛ تلطفا في الخطاب، وإظهارا للخلوص في النصيحة؛ حيث اختار لهم ما يختاره لنفسه.

20ـ وبالجملة فالمداراة خصلة كريمة، يحكمها الأذكياء، ولا يتعدى حدودها الفضلاء؛ فالنفوس المطبوعة على المداراة نفوس أدركت أن الناس خلقوا ليكونوا في الائتلاف كالجسد الواحد، وشأن الأعضاء السليمة أن تكون ملتئمة على قدر ما فيها من حياة، ولا تنكر عضوا ركب معها في جسد إلا أن يصاب بعلة يعجز الأطباء أن يصفوا له بعد دواء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015