سوء الخلق (صفحة 150)

"ائذنوا له فبئس ابن العشيرة"، أو "بئس أخو العسيرة".

فلما دخل ألان له الكلام، وفي رواية "فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه، وانبسط إليه، فقلت: يا رسول الله، قلت ما قلت، ثم ألنت له القول.

فقال: "أي عائشة، إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه" 1.

فلقاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهذا الرجل المعروف بالبذاء ـ من قبيل المداراة؛ لأنه لم يزد على أن لاقاه بوجه طلق، أو رفق به في الخطاب.

وقد سبق إلى ذهن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن الذي بلغ أن يقال فيه "بئس ابن العشيرة" لا يستحق هذا اللقاء، ويجب أن يكون نصيبه قسوة الخطاب، وعبوس الجبين.

ولكن نظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبعد مدى، وأناته أطول أمدا؛ فهو يريد تعليم الناس كيف يملكون ما في أنفسهم، فلا يظهر إلا في مكان أو زمان يليق فيه إظهاره.

ويريد تعليمهم أدبا من آداب الاجتماع، وهو رفق الإنسان بمن يقصد إلى زيارته في منزله، ولو كان شره في الناس فاشيا.

على أن إطلاقك جبينك لمثل هذا الزائر لا يمنعك من أن تشعر بطريق سائغ أنك غير راض عما يشيعه في الناس من أذى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015