أجل فقدان هذا الايمان الذي يبعث على الاطمئنان ويقضي على اليأس والقنوط يعمد إلى الانتحار، إما بإلقاء نفس المريد له نفسه من شاهق، أو أمام قطار سريع، في وقت سيره، أو بشرب سم قاتل أو بشنق نفسه أو بطلق رصاصة على رأسه الخ، فيزهق روحه، وهذا كله أصابه من عدم إيمانه بخالقه ونكرانه له وجهله بنفسه وبعاقبة أمره ومآله، وهنا نرى أن البعض ممن ينتسبون إلى الإسلام قد سلكوا هذا السلوك المخالف لطبيعة الإسلام وماضي المسلمين، فاقتدوا بالكافرين الذين لا يرجون من الله ما يرجوه المؤمنون، فكثر فيهم الانتحار في هذا العصر الذي كادت تغيب فيه شمس الإسلام في بعض الأوطان، وغشيتها سحابة سوداء دخل فيها هذا النوع من الناس الفاقدين ليقين الايمان وطمأنينة القلوب بذلك الايمان وعاقبة الصبر الجميل الذي ألفوه من درس الصيام.
أما المسلم الصائم لله فإنه تعود على التصرف في نفسه، يتصرف فيها ولا تتصرف فيه هي، تصارعه ويصارعها فيغلبها ويقهرها، فهو دائما معها في صراع، وهي عدوه اللدود، لا يسمح لها بأن تعلو عليه، فتسوقه إلى الخاطر بله إلى الحتوف والمهالك، فهو يفضل امتثال أمر مولاه على امتثال أمرها، ويؤثر حكم الله على حكمها، يرضي الله ويغضبها، فهو يكون دائما في راحة مما يعانيه غيره، قانع بما في يده من حطام الدنيا، مجد في عمله المفيد، سواء مما يعود عليه نفعه في حياته الدنيا أو في حياته الأخرى.