ل طغتكين بن أَيُّوب أخي صَلَاح الدّين وَقد ملك إِسْمَاعِيل هَذَا بعد أَبِيه فتعاظم فِي نَفسه وادعي الْخلَافَة وتلقب بِالْإِمَامِ الْهَادِي بِنور الله الْمعز لدين الله أَمِير الْمُؤمنِينَ وَزعم أَنه أموي ومدحه الشُّعَرَاء وأطروه ولهجوا بذلك وَقَالَ هُوَ فِي نَفسه من الطَّوِيل

(وَإنِّي أَنَا الهَادِي الْخَلِيفَةُ والذِي ... أَدُوسُ رِقَابَ الغلبِ بالضُّمَّرِ الجُرْدِ)

(وَلَا بُدَّ مِنْ بَغْدَادَ أَطْوِي رُبُوعَهَا ... وأَنْشُرُهَا نَشر السِّمَاسِرِ للبردِ)

(وأَنْصِبُ أَعْلاَمِي عَلَى شُرُفَاتِهَا ... وأُحْيِي بِهَا مَا كَانَ أَسَّسَهُ جَدِّي)

(ويخطبُ لي فِيهَا على كلِّ منبرٍ ... وأظِهْرُ دِينَ اللَّهِ فِي الغَورِ والنَّجْدِ)

وَهَذَا الادعاء لَيْسَ بِصَحِيح وَلَا أصل لَهُ فيعتمد عَلَيْهِ وَلَا مُسْتَند يسْتَند إِلَيْهِ وَكَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين رَحمَه الله متقشفاً فِي ملبسه ومأكله وملبسه لَا يلبس إِلَّا الْكَتَّان والقطن وَالصُّوف وَلَا يعرف أَنه تخطى مَكْرُوها بعد أَن أنعم الله عَلَيْهِ بِالْملكِ بل كَانَ همه الْأَكْبَر ومقصوده الْأَعْظَم نصْرَة الْإِسْلَام وَكسر الْأَعْدَاء اللئام وَيعْمل فكره فِي ذَلِك ورأيه وَحده وَمَعَ من يَثِق بِرَأْيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا هَذَا مَعَ مَا لَدَيْهِ من الْفَضَائِل والفواضل والفوائد والفرائد فِي اللُّغَة وَالْأَدب وَأَيَّام النَّاس حَتَّى قيل إِنَّه كَانَ يحفظ الحماسة بِتَمَامِهَا وَكَانَ مواظباً على الصَّلَوَات فِي أَوْقَاتهَا فِي جمَاعَة يُقَال لم تفته الْجَمَاعَة فِي صَلَاة قبل مماته بدهر طَوِيل حَتَّى فِي مرض مَوته وَكَانَ يتجشم الْقيام مَعَ ضعفه وَكَانَ يفهم مَا يُقَال بَين يَدَيْهِ من الْبَحْث والمناظرة ويشارك فِي ذَلِك مُشَاركَة حَسَنَة وَإِن لم يكن بالعبارة المصطلح عَلَيْهَا وَكَانَ يحفظ ويحفظ أَوْلَاده عقيدة جمعهَا لَهُ القطب النَّيْسَابُورِي وَكَانَ يحب سَماع الْقُرْآن الْعَظِيم ويواظب على سَماع الحَدِيث حَتَّى إِنَّه سمع فِي بعض المصافات جُزءاً وَهُوَ بَين الصفين وتبجح بذلك وَقَالَ هَذَا موقف لم يسمع فِيهِ أحد حَدِيثا وَكَانَ رَقِيق الْقلب سريع الدمعة عِنْد سَماع الْقُرْآن والْحَدِيث كثير التَّعْظِيم لشعائر الدّين وَكَانَ من خِيَار الْمُلُوك وأشجعهم وَأكْرمهمْ وَأَحْسَنهمْ فتح الفتوحات الَّتِي لَا تحصى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015