وإذا بالناقة ترغو ما تنبعث ولا بها حراك، فقالوا: قد والله قراك حاتم، فنحروها وأكلوا وتزوّدوا، واقتسم القول متاع أبي خيبري على إبلهم واستمرّوا لوجهتهم، فلما صاروا في الظهيرة، وضح لهم راكب يجنب بعيراً يؤمّ سمتهم حتى التقوا، فقال لهم: أفيكم أبو خيبري، قالوا: نعم، قال: فإنّ عديّ بن حاتم رأى أباه البارحة وهو يقول له: إن أبا خيبري وأصحابه استقروني فقريتهم ناقته، فعوّضه منها وزده بكراً يحمل عليه متاعه، وهذه الناقة! وهذا البكر! فارتحل أبو خيبريّ الناقة، وتخفّف هو وأصحابه من أزوادهم وأمتعتهم على البكر، ومضوا بأتمّ قرى. وأدرك عديّ بن حاتم النبيّ صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامه، وروى عنه وكان يحدّث بهذا الخبر بعد إسلامه. وقد روى أنّ هذه الأبيات إنما كان ينشدها حاتم ابنه عديّاً حين أمره أن يعوّض أبا خيبريّ بناقته وأمره أن ينشده إياها.
وأنشد أبو عليّ " 1 - 278، 274 " للشمّاخ:
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقّاها عرابة باليمين
ع معنى باليمين هنا: بالقوّة، وقيل معناها بالحقّ، أي لأنه أحقّ بها، وبكلى القولين فسّرت الآية أعني قوله تعالى: " لأخذنا منه باليمين " قيل بالقوّة وقيل بالحقّ، وأما قوله تعالى: " فراغ عليهم ضرباً باليمين " ففيه ثلاثة أقوال: القولان المذكوران، والثالث أنه أراد باليمين التي أقسم بها ليكيدنّها، وذلك قوله تعالى حكاية عنه " وتالله لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولّوا مدبرين " فأما قوله تعالى: " إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين " فقيل معنى اليمين هنا القوّة، ويؤيّد هذا التأويل قوله تعالى: " وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوماً طاغين " أي ليس كما قلتم إنا أكرهناكم وقوينا عليكم. وفيه قول ثان وهو أنه أراد بقوله: عن اليمين من جهة الدين، لأن إبليس قال: " لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم " قال المفسّرون: من أتاه الشيطان من قبل اليمين أتاه من قبل الدين