احرص على طلب الحلال واقتصر منه على ما دون الشبع، فإن الشبع يقسي القلب، ويفسد الذهن ويبطل الحفظ، ويشغل الأعضاء عن العبادة والعلم، ويقوي الشهوات، وينصر جيوش الشيطان. واقتطاع المال باليمين الكاذبة، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وقال: " درهم ربا يأكله الرجل - وهو يعلم - أشد عند الله من ست وثلاثين زنية ". وقال صلى الله عليه وسلم: " من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله تعالى وهو عليه غضبان ". وروى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يكسب عبدً مالاً حراماً فينفق منه، فيبارك له فيه، ولا يتصدق به فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، وليحذر من تناول الشبهات فإن لها تأثيراً في القلب ". وقد كان السلف الصالح - رضي الله تعالى عنهم - يتركون سبعين باباً من الحلال مخافة أن يقعوا في باب من الشبهة.
واعلم انك لا تصل إلى حفظ الفرج ألا بحفظ العين عن النظر، وحفظ القلب عن الفكرة، وحفظ البطن عن الشهوات، وعن الشبع، فهذه محركات الشهوة ومغارسها. وأما الفرج: فاحفظه من كل ما حرم الله تعالى قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) . ولا يصل إلى حفظ الفرج إلا بحفظ العين عن النظر، وحفظ القلب عن الفكرة، وحفظ البطن عن الشهوات وعن الشبع، فهذه محركات الشهوة ومغارسها فمن أعظم ما روى الهيثم بن مالك الطائي رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من ذنب - بعد الشرك بالله - أعظم عند الله من نطفةٍ وضعها رجل في رحم لا يحل له ".
وروى أبو هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: " تقوى الله تعالى "،وسئل عن أكثر الناس النار؟ قال: " الفرج والفم " قال ابن مسعود رضى الله عنه: إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله في هلاكها ". وآداب الرجلين: أن يماشى إخوانه على حد التبع، ولا يتقدمهم فإن قربه إلى نفسه تقربا إلى مقدار ما يعلم أنه محتاج إليه ثم يرجع إلى موضعه، ولا يقعد عن حقوق إخوانه مُعوّلا على الثقة بإخوانهم لأن الفضيل - رضى الله عنه - قال: " ترك حقوق الإخوان مذلة ". ويقوم لإِخوانه إذا أبصرهم مقبلين، ولا يقعد إلاّ بقعودهم، ويقعد حيث يُقْعِدونه.
واحفظ رجليك أن تمشي بهما إلى حرام أو تسعى إلى باب سلطان فالمشي إلى السلاطين الظَّلمة من غير ضرورة أو دهان. معصية؛ فإنه تواضع واكرام لهم، وقد أمر الله تعالى بالإعراض عنهم، وهو تكثير لسوادهم، وإعانة لهم على ظلمهم فإن كان ذلك سبباً لطلب مالهم، فهو سعي إلى حرام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " من تواضع لغنىّ ذهب ثلثا دينه ". هذا في غنى صالح فما ظنك بالغنى الظالم.
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " العينان يزنيان وزناهما النظر، والقدمان يزنيان وزناهما السعي، والرجلان يزنيان وزناهما المشي، والفم يزنى وزناه القبلة، والقلب يهوى ويتمنى، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه ". وليعلم الإنسان أنه ما من خطوة إلا وتكتب إما حسنة وإما سيئة، وقد نهى عن السعي في غير حاجة، فعليك يا أخي بحبس حواسك، وسجن أعضائك، فإنها تعد عليك، وعد أنفاسك، وحاسب نفسك قبل يوم الحساب.