قال شيخنا رحمه الله ينبغي للفقيه أن يتخذ مكاناً متسعا ًيعلم فيه القرآن، وأن يجلس للقراءة متطهراً، وأن يرعى الأولاد بعين الرعاية لحديث " كل راع مسئول عن رعيته " ولا يدع الصبيان يختلطون بعضهم ببعض، إلاّ أن يُعَلّم بعضهم بعضاً، والسنة إن كان عنده نساء وصبيان أن يجلس كل منهما وحده ويفرق بعضهم عن بعض. قال مالك رحمه الله: أكره للمعلم تعليم النساء، فإن علمهن لم يدعهن يقعدن مع الصبيان، خشية أن يفسدن، وينبغي للمعلم إن كان في مسجد أو غيره أن يكون أمينا عفيفا، تقياً صيناً متزوجاً، ولا ينظر إلى صبي من غير حاجة، فإن نظر إليه بغير حاجة حرم عليه ذلك، ويحرم مسه وإذا خاف المعلم على نفسه الفتنه جعل الصبي خلفه وعلمه. قال: كان أبو حنيفة - رحمه الله - يُجِلسُ " محمد بن الحسن " خلفه ثم يعلمه خوفاً من الفتنة واتباعاً للسنة. ولا يمكن العريف أن ينعزل بصبي في مكان وحده بسبب التعلم بل يجلسوا جميعاً بحضرة الفقيه، ولا يأذن لصبيين يخرجان لقضاء الحاجة بل واحداً بعد واحد، وإذا رأى أثنين مجتمعين من غير ضرورة يفرق بينهما بعد أن يُخِيفَهما وينهاهما ويعلمهما ما يحتاجان إليه من أمر الدين، ويمنعهما من محو القرآن بالبصاق. والسنة أن يجعل لهم وعاء فيه ماء يمسحون فيه ألواحهم، فإذا اسْوَدّ أمرهم أن يَصُبُّوه في البحر الجاري. وكان فقيهنا - رحمة الله عليه - يأمرنا بذلك فإن لم يكن هناك بحر ولا نهر أمرهم أن يحفروا حُفيرة في الأرض ويصبوا الماء فيها، ولا ينبغي للمعلم أن يُعلم البنت " سورة يوسف ". وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " علموهن الغَزْل، ولا تُسكنوهن الغُرف، ولا تعلموهن الخط ". رواه البزار.

فصل

فيما يباح للفقيه من ضرب الصبي

قال العلماء - رحمهم الله -: يجوز للفقيه الضرب بشروط: الأول: أن لا يكون بشيء يجرح الجسم.

الثاني: أن لا يكسر العظم.

الثالث: أن ينفع الضرب ويفيد، فإن لم يفد لم يجز الضرب.

الرابع: أن لا يزجر بدون الضرب من التخويف والتهديد ونحوه، ولا يحل التعزيرُ بالعض؛ لأنه لا يباح في صورة من الصور إلا عند الضرورة.

الخامس: أن لا يكون الضرب في الوجه.

السادس: أن لا يكون في مقتل.

السابع: أن يكون لمصلحة الصبي، فإن أدبه الولي لمصلحته، أو الفقيه لمصلحة دون مصلحة الصغير لم يجز، لأنه يحرم استعماله في حوائجه التي يفوت بها مصالح الصبي.

الثامن: أن يكون بعد التمييز، والتمييز لسبع سنين غالباً، وقد يكون قبل ذلك وقد يتأخر، والمدار على فهم الخطاب ورد الجواب وإتيان الخلاء للبول والغائط، وستر العورة فمتى وجد منه ذلك ميز. وإذا بلغ عشر سنين وجب ضربه على الصلاة. والسنة في طلوعهم المنار للأذان إذا كان منهم مؤذن، فالسنة أن لا يمكن الشباب من طلوع المِئذَنة مع رجل واحد فيحرم الخلوة بالأمرد كما تحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية. ولا مع رجلين إلا أن يكون وحدة فُيؤذن له بالصعود إلى المنارة، فإن خلوته بالرجلين حرام كخلوة الرجلين بالمرأة وذلك أيضاً حرام. قال شيخنا في رسالة النور: يحرم على ولي الصبي تمكينه من الخلوة برجل أو رجال ليسوا له بمحارم، كما يحرم عليه تمكينه من دخول الحمام مع الرجل أو الرجال ليسوا له بمحارم، لأن الخلوة بالأمرد كالخلوة بالمرأة كما ذكر النووي في فتاويه، وقيد تحريم النظر في كتابه " الرياض والتبيان " بما إذا كان حسناً.

قال بعضهم سيما إذا كان سميناً، أو من صبيان هذا الزمان على العموم من تُرْكٍ وعَرَبٍ وحَضَرٍ وغيرهم، فأما إذا كان جمع من الشباب لهم عادة بصعود المئذنة بقصد الأذان، فيجوز - مع أمن المفسدة - لبعضهم بعضاً، فإن لم تؤمن المفسدة منعوا من الطلوع، ويقاس دخولهم الحمام كذلك.

دخول الصبيان الحمام مع بعضهم بعض:

قال شيخنا: وأما دخول الصبيان الحمام مع بعضهم بعض: يحتمل أن يكون كدخول النساء بعضهن مع بعض، فيجوز ويحتمل أن يكون كالرجال أيضاً فيجوز والأولى عدم اختلاط الصبيان في الدخول؛ لأن في الغالب وقوع المفسدة بينهم، فإذا تحقق ذلك منعوا. ويحرم على الولي تمكين الصبي من الدخول مع الرجال الأجانب والله أعلم.

بيان ما في دخول الحمام من المصالح والمفاسد وما يكره للرجال، وما يحرم

بيان ما في دخول الحمام من المصالح والمفاسد وما يكره للرجال، وما يحرم في حق النساء إلا لضرورة!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015