وهل للمراهق النظر؟ وجهان أصحهما: أن نظره كنظر البالغ لظهوره على عورات النساء بمعنى أنه كالبالغ يجب على المرأة أن تحتجب منه كما أنه يلزمها الاحتجاب من المجبوب قطعاً وبلزم الولي أن يمنعه النظر كما يمنعه الزنا وسائر المحرمات. وأما حكم الممسوح: وهو الطَّوَاشي قال بعضهم: هو كالمجبوب فمنعه من النظر. واعلم أن من جُبَّ ذكره فقط، أو سلت خصيتاه فقط، والعنين، والشيخ الهرم حكمهم حكم الفحل على ما قاله الأكثرون. وأما مملوك المرأة وهو عبدها: فهو كالرجل الأجنبي فيحرم عليه النظر، ويحرم عليها، والاحتجاب منه مفروض، ولهذا لو لمسها ولمسته انتقض الوضوء قطعاً. قال النووي: قد صرح العمراني وغيره بأن الأمَة كالحرة، وهو مقتضى الخلاف بين كثيرين، وهو الراجح دليلاً، ولو كانت الحرة عجوزاً فألحقها الغزالي بالشابة. وقال: لأن الشهوة لا تنضبط، وهي محل الوطء قال القاضي حسين: العجائز اللاتي يكحلن الرجل يوم عاشوراء مرتكبات الحرام قاله الحصني في شرح أبي شجاع.
الضرب الثاني: نظره إلى زوجته وأمته فيجوز أن ينظر ما عدا الفرج منهما، فيجوز للرجل أن ينظر إلى جميع بدن زوجته، لأنه يجوز الاستمتاع بها وكذا الأمة في ذلك سواء كانت قِنة أو مدبرة أو مُسْتَوْلدة. واعلم أن نظر الزوجة إلى زوجها كنظره اليها.
الضرب الثالث: نظره إلى ذوات محارمه، أو أمته المزوجة، فيجوز فيما عدا السرة والركبة.
الضرب الرابع: النظر لأجل النكاح، فيجوز إلى الوجه والكفين، وقد تقدم أن النظر قد لا تدعو إليه الحاجة. وقد تمس إليه، وقد تقدم في الضرب الأول، والضرب الثاني ما تمس إليه الحاجة، والحاجة أمور منها: قصد النكاح، فإذا أراد الرجل أن يتزوج امرأةً رغب في نكاحها فلا شك في جواز النظر إليها، وهذا يستحب لقوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة: " انظر إليها فإنه أحرى أن يُؤْدَمَ بينكما " رواه النسائي وابن ماجه، وحسنه والترمذي وابن حبان والحاكم وقال: على شرط الشيخين وغيره من الأخبار. ويجوز تكرير النظر، سواء نظر بإذنها أو بغير إذنها، فإن لم يتيسر له بعث امرأة تأملها وتصفها له؛ لأنه - عليه السلام - بعث أم سليم إلى امرأة وقال: " انظري إلى عرقوبها وشمي معاطفها " ثم النظر إلى كفها ظهراً وباطناً ولا ينظر إلى غير ذلك، وفي وجه ينظر أليها نظر الرجل الى الرجل وهذا النظر يباح، ووقت النظر بعد العزم على نكاحها، وقبل الخطبة لئلا يتركها بعد الخطبة فيؤذيها، هذا هو الصحيح، وقيل ينظر حين يأذن في عقد النكاح، وقيل عند ركون كل واحد إلى صاحبه، وإذا نظر فلم تعجبه فليسك ولا يقول: لا أريدها لأنه إيذاء والله أعلم.
الضرب الخامس: النظر للمداواة إلى المواضع التي يحتاج أليها من مواضع الحاجة النظر إلى المرأة الأجنبية كاحتياجها إلى الفصد أو الحجامة أو معالجة ذلك لأن أم سليم رضى الله عنها استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم " أبا طيبة أن يحجمها " رواه مسلم. وليكن ذلك بحضرة مَحْرم، أو زوج حالة الخلوة، وبشرط أن لا يكون الطبيب ذِمّياً مع وجود مسلم.
الضرب السادس: النظرة للشهادة والمكاتبة، فيجوز النظر إلى الوجه خاصة، ومن مواضع الحاجة: جواز النظر إلى ثدي المرضعة لأجل الشهادة على الرضاع، وكذا النظر إلى فرج الزانيين؛ لأجل الشهادة عليه، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك.
الضرب السابع: النظر إلى الأمة عند ابتياعها، فيجوز النظر إلى المواضع التي يحتاج إليها في تقليبها من مواضع الحاجة والله أعلم.