ثم قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} [النور:29].
قوله تعالى: (ليس عليكم جناح) أي: إثم، (أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة فيها متاع لكم)، ليس المراد بالمتاع المتاع المعروف، المتاع هنا بمعنى: المنفعة، فالمتاع عند الإطلاق يأتي بمعنى المنفعة، كقوله تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ} [النساء:77] أي: منفعة الدنيا قليلة.
فقوله تعالى: (غير مسكونة) أي: غير مسكونة سكناً أهلياً.
إذاً فأنت تسافر فتجد دورات مياه وفنادق واستراحات في الطريق، فهذه بيوت غير مسكونة، فلا يلزم فيها الاستئذان.
وقد كان المسلمون في العصور الأولى يبنون دوراً يرتاح فيها المسافرون، وتقيهم البرد والحر، وكان يبنيها أرباب الأموال، فهذه ليست ملكاً لأحد، فلا تحتاج فيها إلى استئذان.
ومثلها في عصرنا الفنادق ونحوها، ممن مر على فندق أو على استراحة، فإنه لا يحتاج إلى أن يطرق باب الفندق ليستأذن، إذ الفندق ما بني إلا لهذا، أي: أن تدخل من غير إذن؛ لأن هذا هو المقصود من بنائه.
ولذلك قلنا: إن المتاع عند الإطلاق يراد به المنفعة، فأي مكان فيه منفعة لك فلا يلزم فيه الاستئذان.