تفسير قوله تعالى: (إن الساعة آتية أكاد أخفيها فتردى)

قال تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} [طه:15]، أخذ الله جل وعلا يبين لموسى قضية الساعة، والساعة: هي الإذن بفناء الدنيا: ((إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ))، أي: قادمة لا محالة، ((أَكَادُ أُخْفِيهَا))، اختلف العلماء في معنى (أكاد)، لكن الأظهر أن يقال: إنها فعل من أفعال المقاربة نحوياً، وكاد وأوشك وعسى تعمل عمل كان وأخواتها، لكن الفرق بينها: أن كان وأخواتها خبرها يأتي مفرداً ويأتي جملة أسمية ويأتي جملة فعلية، أما كاد وأوشك وعسى فيشترط في خبرها أن يكون جملة فعلية، فانفكت عن كان في العمل من هذا الباب.

فقوله: (أكاد) بمعنى: أقارب، وعلى ذلك يصبح معنى الآية: أن الله لم يخف الساعة بالكلية، وإنما أظهر أشراطها وعلاماتها، وفي نفس الوقت عينها تحديداً لا يعلمه إلا الله.

قال تعالى: ((أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى))، أي: بعد إتيانها، ((كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى))، وكل من ألفاظ العموم.

قال تعالى: ((فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى)) الخطاب هنا لموسى، وقوله: (عنها) قيل: إن الضمير عائد على الصلاة، وقيل: إنه عائد على الساعة، أي: لا يصدنك عن الإيمان بالساعة، والصواب أن يقال: المعنى: أي: لا يصدنك عن الإيمان بالساعة وما يتعلق بالاستعداد لها ((مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى))، فذكر الله صفتين للصادين عن سبيله وهما: عدم الإيمان بالله، واتباع الهوى، ثم قال الله جل وعلا: (فتردى) أي: فتهلك، والمقصود بالهلاك هنا: دخول النار وعدم مقاربة الجنة، وهو أعظم الهلاك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015