جملة نقول في كل ما مر معنا: إن سورة الكهف سورة مكية من التلاد الأول أي بمعنى: أنها من أوائل ما أنزل كما عبر عنها الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، وقراءتها يوم الجمعة سنة تضيء لصاحبها نوراً، وهذه السورة ضمنها الله جل وعلا أجوبة على سؤالين سألهما القرشيون بناء على مشورة اليهود، الأول منهما عن فتية ضاعوا في غابر الأزمان، وهم الذين سميت السورة باسمهم.
والأمر الثاني: عن ملك طواف وهو ذو القرنين.
وبقي لهم سؤال ثالث كانت الإجابة عنه في سورة الإسراء قال الله جل وعلا: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء:85].
وقد ذكر الله جل وعلا في هذه السورة خبر نبيه موسى بن عمران عليه السلام لكنه ما كان في سورة الكهف ما جرت العادة في ذكره من نبأ موسى مع فرعون وإنما ذكر الله جل وعلا خبر موسى مع العبد الصالح الخضر، وخبر موسى مع العبد الصالح الخضر لم يتكرر في القرآن ولم يذكر إلا في موطن واحد وهو سورة الكهف، وكذلك خبر ذي القرنين، فإنه لم يذكر إلا في سورة الكهف، أما خبر يأجوج ومأجوج فقد ذكر في سورة الكهف وذكر في سورة الأنبياء؛ لأن الحديث عن أشراط الساعة حديث متكرر في القرآن فبديهي أن ينتقل من موضع إلى موضع ومن سورة إلى سورة.
ثم ذكر الله جل وعلا في هذا الخطاب المكي في أصله الذي يخاطب به القرشيين، فخاطب الله جل وعلا أولئك الذين يتعلقون بغير ما أمر الله أن يتعلق به: بالأنبياء والملائكة وغيرهم، وأخبر الله جل وعلا أنهم خسروا أعمالهم، وإن كانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وهذا يقودنا إلى التفريق أن الناس في المعصية قسمان: قسم يرى أنه مفلح وهذا ضربنا له أمثال، وقسم يعلم يقيناً أنه غير مفلح وهذا نحتاج إلى ضرب أمثال له؛ لأن أكثر الناس عليه.
هذا ما تيسر إيراده، وتهيأ إعداده، وأعان الله على قوله، ووفق للحديث عنه.
وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.