الاهتمام بالصحة سبب من أسباب الارتقاء بالهمة

بعض طلبة العلم يتأثرون بالمنهج الصوفي -وما أخطر المنهج الصوفي على الهمة العالية- يتمثلون قول بعض شعراء الصوفية، ويعظمون كلام الصوفية بصورة مرضية، دون أن يتفطنوا إلى الأخطاء في مثل هذه العبارات، مثل قول شاعرهم: يا خادم الجسم كم تشقى لخدمته أتطلب الربح مما فيه خسران أقبل على النفس فاستكمل فضائلها فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان فتراه يهمل صحته، إلى أن يصبح الشاب في ريعان شبابه مثل الشيخ العجوز الذي احدودب منه الظهر وصار هرماً.

فمن أسباب علو الهمة: الاهتمام بالصحة، سواء كانت الصحة البدنية أو النفسية، فالإنسان يهتم بصحته وبعافيته ويتوقى كل ما من شأنه أن يؤثر في صحته، وقد تكلمنا قبل عن أسباب انحطاط الهمة، وأن منها العجز والكسل، والإنسان قد يعذر في العجز لكنه لا يعذر في الكسل؛ لأن العاجز عن شيء طاقته محدودة، فهو يحاول لكنه لا يستطيع فيعجز، أما الكسول فهو يقدر لكنه لا يقوى على المقاومة، فالإنسان إذا أهمل صحته أو تمادى في الأسباب التي تهدر هذه النعمة العظيمة من نعم الله سبحانه وتعالى فهو مخطئ؛ لأن رأس مال الإنسان في الدنيا هو الصحة، فإذا أهمل صحته أو تعاطى الأسباب التي تحطم هذه الصحة سواء كان التدخين والإدمان أو غير ذلك من الأمور التي تهدر صحة الإنسان وعافيته فبلا شك أن هذه قد تئول إلى كثير من الأمراض، والأمراض تؤدي إلى العجز والكسل، فمن ثم تهبط همته، فننحي مفاهيم الصوفية هذه جانباً؛ فالمسلمون كانوا يجاهدون بالبدن والروح معاً، والمرء هو بالنفس وبالجسم إنسان؛ ونحن لسنا أطيافاً أو عبيراً أو شيئاً معنوياً، بل نحن أبدان وأرواح في نفس الوقت، فالإنسان يهتم بصحته وبتغذيته ولا يفرط في صحته ما دام ذلك في استطاعته؛ لأنه إذا قوي إذا أراد شيئاً يستطيع أن ينفذه، أما إذا ضعف وأهدر صحته فإنه حتى في الصيام لن يستطيع الصيام أو حتى الصلاة.

فلابد للإنسان أن يحافظ على قاعدة التوازن بين واجبات الجسم وواجبات الروح معاً، خاصة في زمان الشباب، أو بالضبط في زمن المراهقة الذي هو فترة نمو الجسم، فالإنسان إذا اهتم بصحته في هذه الفترة فإن الجسم يتفاعل مع هذه الرغبة ويعطيه أيضاً، فمن الخطأ إهمال الرياضات البدنية النافعة بالشروط الشرعية، وإهمال التغذية والإعراض عن ذلك بحجة أن الصوفية قالوا: يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته.

ونحن نقول أيضاً: يا مهمل الجسم كم تشقى بإهماله، فتبيت على الفراش وتصيبك الأمراض، وتعجز عن أداء وظائفك، سواء كانت الدينية أو الدنيوية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015