كان إمامهم الأوحد ورائدهم الأول في باب الجهاد -كما هو رائدهم في كل باب من أبواب الخير- خير من وطئ الحصى، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
ولا شك في أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أعلى البشر همة على الإطلاق؛ لأنه حاز من الكمال البشري أعلى قمة في كل وصف من صفات الكمال البشري.
كان أشجع الناس، وأقواهم قلباً، وأثبتهم جناناً، وقد حضر المواقف الصعبة المشهورة، وفر الكماة والأبطال عنه غير مرة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح، صلى الله عليه وسلم.
وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة أو فترة، أما هو صلى الله عليه وسلم فلم يفر قط، وحاشاه من ذلك ثم حاشاه صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]، فعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وكان أجود الناس وكان أشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لـ أبي طلحة عري، وفي عنقه السيف، وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا) يعني: يطمئنهم أنه بمجرد سماع هذا الصوت كان أسبقهم إلى الخروج ليراه، ثم رجع وهم بعد لم يشرعوا في الخروج ليستكشفوا ويستطلعوا هذا الصوت.
وعلي رضي الله عنه من أشجع فرسان العرب على الإطلاق، يحكي شجاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحروب فيقول: (كنا إذا اشتد البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأساً) صلى الله عليه وسلم.
وقيل: كان الشجاع هو الذي يقرب منه صلى الله عليه وسلم إذا دنا العدو لقربه منه.
وقال عمران بن حصين رضي الله عنهما: ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم كتيبة إلا كان أول من يضرب الأعداء.