دور هؤلاء الحكام الذين عملوا على التتابع من أجل تنظيم تيار الجهاد وإذكاء شعلته وتوجيه فعالياته وقدراته، وإطلاق شعلته العالية لإضاءة ظلمات دنيا المسلمين خلال تلك الحقبة التاريخية التي تناوبت فيها المحن والنوائب على كل ديار المسلمين، فكان للجزائر المجاهدة دورها الأساسي والحاسم في رفع قيم الجهاد في سبيل الله، وتأكيد فضائلها في حماية مجتمع الإسلام والمسلمين.
ولقد كان للمسجد (الجامع) دوره في تكوين هذا التيار، وأظهرت الأوابد أيضا، وفي مناسات كبيرة (اندفاع طلبة العلم والمشايخ إلى مقدمات الصفوف) وإعطاء الأمثولات في (طلب الشهادة أو النصر) وفي (الحض على الجهاد والتحريض على القتال). فليس من الغريب بعد ذلك أن يبقى (القضاء على المسجد) هو الهدف الأول لكل الحملات الصليبية في المشرق كما في المغرب. وإذا كان هدف المسلمين من إقامة المساجد هو (الهداية) ورفع (راية الإسلام) فقد بات من المتوقع أن تعمل الحملات الصليبية، وعلى كل الجبهات، من أجل تدمير المسجد وتحويله إلى كنيسة لحرمان المسلمين من عامل صمودهم. وعرفت الجزائر المجاهدة، كما عرف المسلمون ذلك في كل ديارهم، فكان أول عمل لهم بعد كل فتح، هو ترميم المساجد وإصلاحها وإقامة المساجد الجديدة حتى تتمكن من الاضطلاع بدورها في توحيد كلمة المسلمين، والمحافظة على قدرتهم الذاتية التي يكمن فيها وجودهم.
وهنا لا بد من القول أيضا، أن دويلات المسلمين في مختلف العصور والعهود، وعلى امتداد المغرب العربي الإسلامي قد عنيت أشد العناية بإقامة المساجد والاهتمام بها، وإذا كانت هذه الدول قد جنحت في فترة انحطاطها إلى التعاون مع أعداء الدين، فقد بقي هذا