أثناء الهجوم الذي شنه الجزائريون على إحدى القلاع الفرنسية. ولكن ما إن شرع الملازم الجزائري قائد القافلة الصاعدة عبر القمم، يروي لنا قصة آخر أيام المعركة، حشتى زال كل ما كان في نفوسنا من ذلك الشعور المثير. ولقد راح ذلك الملازم يروي لنا بهدوء، وبصوت متزن، جزءا من العنف والإرهاب والانتقام الفرنسي، من قرى الفلاحين، هذه القصة التي تبدو لا نهاية لها:

- لقد سقط أحد رجالنا في ساحة الشرف، أثناء هجومنا على قافلة، غير أن الخسائر الفرنسية كانت أفدح. فما كان من الفرنسيين إلا أن انتقموا من السكان، فدمروا - على عادتهم - دائما، وكانت هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها بمثل هذه التهمة الموجهة إلى الجيش الفرنسي فوق أرض الجزائر، ولقد جاءت أصوات مريرة أخرى، خارجة من الأكواخ التي يقيم فيها الفلاحون في الأودية لتضيف إلى هذه القصة فصولا جديدة كل مساء. أما أشد ما في الأمر فظاعة، فهو سماعك مثل هذه الأقوال، تلقى عليك من غير دعوة مسبقة، فتجعلك تشعر كل يوم بمزيد من الشكوك تدهم نفسك. فهل يمكن أن تقوم القوات الفرنسية بشن مثل هذه الحرب؟! ثم إن موجة الشكوك هذه لا تلبث حتى تتحول إلى قناعة ثابتة تجعلك تؤمن بصدق ما يقولون.

...

إن كل ما يسمى تعبا جسديا، وسيرا منهكا، وحرارة مرهقة أثناء النهار، وبردا لاذعا أثناء الليل، وغناء متواضعا، وحشرات تلصق بالجسم، إن كل ذلك لا يرهق النفس بقدر ما يرهقها ذلك الصراع النفساني الذي يدهم المرء ويهيمن على مشاعره. إنه صراع بين الثقة القديمة بفرنسا والعاطفة الجديدة التي يبعثها في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015