ما يلي:
(مضت ثلاث سنوات والمجاهدون الجزائريون يتابعون حربا ضارية لا هوادة فيها ضد فرنسا، والغاية من هذه الحرب هي تحرير الجزائر.
اجتزنا الحدود بعد أن عادت طائرات الاستطلاع الفرنسية إلى قواعدها فوق الشاطىء. كانت الحجارة تصر تحت الأحذية الثقيلة، وكانت البغال تتسلق المرتفعات، وكنا نبذل الجهد في سيرنا الصاعد، عبر الدروب الضيقة التي تسير ملتوية بين القمم المشجرة من الجبال الجزائرية. وكانت آخر أشعة الشمس تصل إلينا عبر الغبار المتعالي من الطريق. وكان يصل مسامعنا دوي المدافع من المراكز العسكرية الفرنسية الموجودة وراء الجبال. وهذا القصف هو الموسيقى الخالدة التي اعتادت أسماع (المجاهدين) (?) عليها كل مساء في تلك الجبال المشجرة من شرقي الجزائر. ولم تكن هذه اللوحة خالية مما هو خيالي، مثير، بشكل لا يوصف. إن الشعور بأننا نعيش في حرب، هو شعور لا زال بعيدا عنا، ولا بد من انقضاء أيام عديدة قبل أن نلمس هذا الشعور لمسا، عندما يفرض ذاته بسرعة ووحشية. إننا لن نشعر بذلك الشعور حقا حتى تأخذ القنابل الفرنسية بالانفجار بين صفوفنا