الله، يقومون به لوجه الله، وواجبا وطنيا يرضي ضميرهم الحر وحبهم للوطن وإخلاصهم لدين الله. وكانوا لثقافتهم، ودهائهم الموروث، قادرين على خداع المستعمرين وإخفاء حقيقتهم الثورية، وكان من المحال قيام الثورة في العاصمة لولا ما قاموا به من جهد، وما قدموه من تضحيات مستفيدين في ذلك من منازلهم ودكاكينهم المنتشرة حتى في وسط الأحياء الأوروبية. حتى إذا ما انتهت الثورة بالنصر، انصرفوا إلى متابعة أعمالهم، والإسهام في بناء المجتمع الجديد بالقدر الذي تطلبه الثورة منهم.
...
تلك هي صفحة رائعة من صفحات الجزائر المجاهدة.
صفحة رسم الشيخ عبد الحميد بن باديس، بعض ملامحها بريشته، وترك بعضها لريشة إخوانه وتلاميذه، وبعضها رسمت بريشة إخوان له كان عملهم مستمدا من عمله ورافدا له. وبفضل هذا التكامل تشكل التيار الجارف الذي أرسى القاعدة الثابتة والأرضية الصلبة لانطلاقة الثورة.
غير أن هناك تيارا آخر كان له دوره في مجموعة التفاعلات التي أدت إلى انفجار الثورة. وهذا التيار هو (تيار التكتلات الحزبية) وهو يتطلب بحثا مستقلا. غير أنه من المناسب هنا الإشارة إلى أن التياران لم يكونا متناقضين أو متضادين تماما. لقد كان لكل تيار مساره الخاص، وكانت هناك قنوات تصل بين كل التيارات على امتداد مسارها، ومن هنا يظهر التأثير المتبادل بين هذه التيارات. وهذا ما يؤكد بطريقة غير مباشرة الدور الكبير الذي اضطلع به