الأقوياء في تعاملهم، فعباد الله هم عباد مطمئنون لا تجيش صدورهم بغير المشاعر النبيلة، ولا تخفق قلوبهم بغير الحب والمودة، ولا يشحنون صدورهم بمشاعر الغل (?) والحقد، يبيتون وصدورهم نظيفة نقية طاهرة، يردون على السيئة بالحسنة بكل قوة وشموخ (?) طمعا في المثوبة، فانظر إلى قول الله تعالى في محكم تنزيله: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 22] (?) .
وحين استمع معاذ إلى قول والده وما جاءت به الآية الكريمة سكن عنه الغضب وأحس بشيء من السكينة يغلف روحه ويسري بين جوانحه (?) بكل عذوبة على الرغم من أنه لم يفقه معنى قول الله تعالى: {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [الرعد: 22] فبادر قائلا:
- إني أحس يا أبي بالأمن لسماع هذه الكلمات وأشعر بالطمأنينة تنساب في فؤادي لما تحمله هذه الآية الكريمة، ولكن هل لك يا أبي أن توضح لي معنى ويدرؤون بالحسنة السيئة؟