يا بني لعلك لاحظت كيف كانت هيئة الرجل وما كانت عليه حاله من ضعف ومرض وفقر. . لقد كان محتاجا لما يسد به رمقه، فلقد داهمه المرض نتيجة الجوع، وأحمد الله على أن ساعدني على أن أعطيه بعض المال يحسن به شيئا من أحواله.
أردف عبد الله متسائلا بقلق:
وهل أعطيته كل ما معنا يا أبي؟
ولماذا تسأل يا بني؟
لأنني أخشى أن تكون قد أعطيته كل ما معنا من النقود فلا نجد ما نشتري به الحلوى والسكاكر والعصير.
- يا بني إن ما قدمته للشيخ هو صدقة والصدقة لا تنقص مال المرء، بل تعمل على زيادته من حيث لا يحتسب وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل» (?) . أي أن الصدقة لا تنقص المال، فلا يخاف أحدنا حين ينفق ابتغاء وجه الله، فالله يخلف للمرء ما أنفقه، فالمال لا يذهب بالإنفاق إنما هو قرض حسن لله، مضمون عنده يضاعفه أضعافا كثيرة، يضاعفه في الدنيا مالا وبركة وسعادة وراحة، ويضاعفه في الآخرة نعيما ومتاعا ورضا وقربى من الله، استمع يا بني إلى قول الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 245] (?) .