فطفرت الدموع من عينيه وبللت لحيته، فقد هزت تلك الآية وجدانه بما تحمله من أمر ونهي عظيمين، وحركت معانيها كوامن الشجن فيه، وزلزلت أعماقه الراكدة الآسنة (?) كل هذه السنين فكأنه يقرأ هذه الآية لأول مرة في حياته، آه لقد تذكر في تلك اللحظة أخاه الأصغر عبد الرحمن الذي لم يره منذ خمسة أعوام حين وقع بينهما ذلك الخلاف الذي أدى إلى هذه القطيعة التي طال أمدها، وخيم الحزن على عبد الله وسربله الأسى وهو يتذكر ذلك، وندم على ما فرط في حق أخيه، فكيف لم يزره كل هذه السنين الطوال وقد علم بمرضه مرضا شديدا، وكيف لم يسأل عنه ويتفقد أحواله وهو يعلم رقة حال أخيه وكثرة عياله. . مضى عبد الله يعاتب نفسه ويسأل بمرارة كيف يصل القريب والغريب، والقاصي (?) والداني (?) وينسى أخاه أحق الناس ببره وصلته وإحسانه، هذه الصلة التي هي من المبادئ الأساسية التي أقرها الإسلام للتكافل بين أفراد المجتمع عامة وأفراد الأسرة خاصة. . كيف له أن ينسى أخاه من بره وقد حفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس - رضي الله عنه - أنه قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015