3 - أخذت الشمس تلوذ بأحضان الأفق شيئا فشيئا مودعة أول يوم من أيام شهر رمضان المبارك ونسيمات رقيقة تداعب الأشجار هنا وهناك فتضفي الكثير من الجمال على هذا الأصيل الأخّاذ الذي ألقى بظلال السكينة على مدينة الرياض الهادئة، شأنها شأن كل البقاع الإسلامية في ذلك الوقت من أيام رمضان، حيث خلت الشوارع من المارة إلا القليل منهم، وأخذ العاملون في الأسواق والدكاكين يستعدون لإغلاق أبوابها تأهبا لمغادرتها لتناول الإفطار وأداء صلاة المغرب.
وفي منزل الشيخ عبد الله كان الأبناء في حركة دائبة يساعدون والدتهم في إعداد الطعام وتجهيز المائدة، في حين اتخذ الأب ركنا قصيا من أركان حجرته مختليا بنفسه مع كتاب الله يتلو بكل خشوع متدبرا فيها بقلب حاضر وذهن صاف حتى إذا وصل في تلاوته قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90] (?) . صمت هنيهة (?) ثم أعاد قراءة الآية ثانية وثالثة